للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهو أعم من كونه متروكًا على سبيل الحرمة، أو على سبيل الكراهة. هذا آخر كلامه، والله أعلم (١).

وقال شيخنا الإِمام أبو زكريا النووي -رحمه الله تعالى- بعد أن ذكر الكلام على تضعيف حديث تحريم لحوم الخيل، ونسخه، واحتجاجهم بالآية الكريمة في قوله تعالى: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً}: وأما الآية، فأجابوا عنها: بأن ذكر الركوب والزينة لا يدل على أن منفعتها مختصة بذلك؛ وإنما خص هذان بالذكر؛ لأنهما معظم المقصود من الخيل؛ كقوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ} [المائدة: ٣] فذكر اللحم؛ لأنه معظم المقصود، وقد أجمع المسلمون على تحريم شحمه ودمه وسائر أجزائه، قالوا: ولهذا سكت عن ذكر حمل الأثقال على الخيل مع قوله تعالى في الأنعام: {وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ} [النحل: ٧]، ولم يلزم من هذا تحريم الأثقال على الخيل. هذا آخر كلامه، والله أعلم (٢).

* * *

[الحديث الرابع]

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-: أَن رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ لُحُومِ الحُمُرِ الأَهلِيةِ، وَأَذِنَ في لحُوُمِ الخَيلِ (٣). وَلِمُسْلِم وَحْدَهُ قَالَ: أكلنَا زَمَنَ خَيْبرَ الخَيلَ وَحُمُرَ الوَحْشِ، وَنَهَى النبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الحِمَارِ الأَهْلِيِّ (٤).

أما نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر؛ فلأنها كانت مباحة في أول الأمر، ثم حرمت في آخره.


(١) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (٤/ ١٨٥ - ١٨٦).
(٢) انظر: "شرح مسلم" للنووي (١٣/ ٩٦).
(٣) رواه البخاري (٥٢٠١)، كتاب: الذبائح والصيد، باب: لحوم الخيل، ومسلم (١٩٤١)، كتاب: الصيد والذبائح، باب: في أكل لحوم الخيل، وهذا لفظ مسلم.
(٤) رواه مسلم (١٩٤١)، (٣/ ١٥٤١)، كتاب: الصيد والذبائح، باب: في أكل لحوم الخيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>