للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الحديث الثالث]

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "تَسَحَّرُوا؛ فَإنَّ في السُّحُورِ برَكَةً" (١).

أما السحور: فرووه بفتح السين وضمها، فالمفتوح: اسم للمأكول، والمضموم: اسم للفعل، واختار بعضهم أن يكون اسمًا للفعل بالوجهين (٢).

والبركة: النماء والزيادة، والتي في السحور يجوز أن تكون راجعة إلى أمور أخروية؛ من متابعة السنة في الفعل، وقد يحصل له بسببه ذكر ودعاء ووضوء وصلاة واستغفار في وقت شريف تنزل فيه الرحمة، ويستجاب الدعاء، وقد يدوم ذلك حتى يطلع الفجر، وكل ذلك سبب لمزيد الأجور، ويجوز أن تكون راجعة إلى أمور دنيوية؛ من التقوية على الصيام، والتنشيط له، ويحصل له بسببه الرغبة في الازدياد من الصوم؛ لخفة المشقة على فاعله، فيجوز أن يضاف إلى كل واحد من الفعل والمتسحَّر به معًا، ومما أوجب الأمر به المخالفة لأهل الكتاب؛ فإن السحور عندهم ممتنع، وذلك أحد الوجوه المقتضية للزيادة في الأمور الأخروية، وقد أجمع العلماء على استحباب السحور، وأنه ليس بواجب، والله أعلم.

* * *

[الحديث الرابع]

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - قَالَ: تَسَحَّرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ، قَالَ أَنَسٌ: قُلْتُ لِزَيْدٍ: كَمْ كَانَ بَيْنَ الأَذَانِ وَالسَّحُورِ؟ قَالَ: قَدْرُ خَمْسِينَ آيَةً (٣).


(١) رواه البخاري (١٨٢٣)، كتاب: الصوم، باب: بركة السحور، ومسلم (١٠٩٥)، كتاب: الصيام، باب: فضائل السحور وتأكيد استحبابه.
(٢) انظر: "شرح مسلم" للنووي (٧/ ٢٠٥ - ٢٠٦).
(٣) رواه البخاري (١٨٢١)، كتاب: الصوم، باب: قدر كم بين السحور وصلاة الفجر؟ ومسلم =

<<  <  ج: ص:  >  >>