للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فممنوع، وإن أرادوا به لخوف فوات العمل بها، وعدم نفوذها عند نزاع الورثة وغيرهم، فمسلم، وعلي ذلك ينزل الخلاف، والله أعلم.

ومنها: منقبة ظاهرة لابن عمر - رضي الله عنهما -، وفضيلته؛ لمبادرته إلى امتثال أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ومواظبته عليه.

ومنها: جواز ذكر الإنسان عمله بالسنة، ومواظبته عليها؛ ليُقتدى به في ذلك، والله أعلم.

* * *

[الحديث الثاني]

عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبي وَقاصٍ -رَضِيَ اللهُ عَنهُ- قَالَ: جَاءَنِي رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَعُودني عَامَ حَجَّةِ الوَدَاع، مِن وَجَع اشتد بِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! قَد بَلَغَ بِي مِنَ الوَجَعِ مَا تَرَى، وَأنا ذو مَالٍ، وَلَا يَرِثُني إلَّا ابنةٌ، أفأتصدق بِثُلُثَي مَالِي؟ قَالَ: "لا"، قُلتُ: فَالشطْرُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: "لَّا"، قُلْتُ: فالثُّلُثُ؟ قَالَ: "الثلُثُ، والثلُثُ كثير، إنكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغنِياءَ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتكفَّفُونَ النَّاسَ؛ فَإنكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِها وَجْهَ اللهِ، إلَّا أُجِرْتَ بِهَا، حَتَّى مَا تَجْعَل فِي فِي امْرَأَتِكَ"، قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! أُخَلَّفُ بَعْدَ أَصْحَابِي؟ قَالَ: "إنَّكَ لَنْ تُخَلَّفَ فَتَعْمَلَ عَمَلًا تَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللهِ، إلَّا ازْدَدْتَ بِهِ دَرَجَةً وَرِفْعَةً، وَلَعَلكَ أَنْ تُخَلَّفَ حتَّى يَنْتَفعَ بكَ أَقْوامٌ، ويُضَرَّ بكَ آخَرُونَ، اللَّهُمَّ أَمْضِ لأَصْحَابِي هِجْرَتَهُمْ، وَلَا تَرُدَّهُمْ عَلَى أًعْقَابِهِمْ، لَكِنِ البَائسُ سَعْدُ بْنُ خَوْلَة"؛ يَرْثي لَهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أنْ مَاتَ بمكَّة (١).

أَمَّا سعدُ بنُ أبي وَقاص؛ فكنيته: أبو إسحاق، واسم أبيه: مالكُ بن أهيب بن عبد منافِ بنِ زهرةَ بنِ كلابِ بن مرةَ بنِ كعبِ بنِ لؤيِّ بن غالبٍ، القرشيُّ، الزهريُّ، يلتقي مع رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - عند الأب الخامس، وهو كلابُ بنُ مرةَ.


(١) رواه البُخاريّ (١٢٣٣)، كتاب: الجنائز، باب: رثاء النَّبيّ - صَلَّى الله عليه وسلم - سعد بن خولة، ومسلم (١٦٢٨)، كتاب: الوصية، باب: الوصيَّة بالثلث.

<<  <  ج: ص:  >  >>