للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الحديث الخامس]

عَنْ عَائشِةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- قَالَتْ: مَا صَلَّى رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلاَةً بَعْدَ أَنْ نَزَلَتْ عَلَيْهِ: {إِذا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} [النصر: ١] إِلَّا يَقُولُ فِيهَا: "سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِك، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي" (١)، وفي لفظ: كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: "سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي" (٢).

في لفظ الحديث أولًا ما يصرح بالمبادرة إلى امتثال الأمر في قوله: "سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي"، مع ما جاء في بعض الحديث في "الصحيح" من قول عائشة: يتأول القرآن (٣)، وذلك يشعر بأنه يفعل ما أمر به فيه، فإن كان الفتح ودخول الناس في دين الله حاصلًا، فكيف يكون القول امتثالًا للأمر الوارد، ولم يوجد شرط الأمر؟ وإن لم يكن حاصلًا، وهو المختار على مقتضى اللفظ، فيكون النبي - صلى الله عليه وسلم - قد بادر إلى الفعل المأمورِ به قبل وقوع الزمن الذي تعلق به الأمر فيه إذ ذاك عبادة وطاعة لا تختص بوقت معين، فإذا وقع الشرط، كان الواقع من هذا القول بعد وقوعه واقعًا على حسب الامتثال، وقبل وقوع الشرط واقعًا على حسب التبرع، وليس في قول عائشة - رضي الله عنها -: يتأول القرآن، ما يقتضي، ولا بد أن يكون جميع قوله - صلى الله عليه وسلم - واقعًا على جهة الامتثال للمأمور حتى يكون دالًا على وقوع الشرط، بل مقتضاه أنه يفعل تأويل القرآن وما دل عليه لفظه فقط، وجاز أن يكون بعض هذا القول فعلًا لطاعة مبتدأة، وبعضه امتثالًا للأمر.

وفي لفظه ثانيًا ما يقتضي جواز الدعاء في الركوع، ولا تعارض بين ذلك


(١) رواه البخاري (٤٦٨٣)، كتاب: التفسير، باب: تفسير سورة: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} [النصر: ١]، ومسلم (٤٨٤)، كتاب: الصلاة، باب: ما يقال في الركوع والسجو د، وهذا لفظ البخاري.
(٢) رواه البخاري (٧٦١)، كتاب: صفة الصلاة، باب: الدعاء في الركوع، ومسلم (٤٨٤)، كتاب: الصلاة، باب: ما يقال في الركوع والسجود، وهذا لفظ البخاري.
(٣) هو عند مسلم، وقد تقدم تخريجه آنفًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>