بالسعي في النهار، وإتعابها، ولحاجة النَّاس إلى عشاء صائمهم، وأكلهم عقب تعبهم، وشغلهم؛ فخففت القراءة بالتقصير لذلك.
فحينئذ تكون قراءته - صَلَّى الله عليه وسلم - في العشاء بالتين والزيتون؛ وهي من قصار سور القراءة؛ لكونه في السفر، وهو مناسب للتخفيف؛ لتعب المسافر، وانشغاله.
وفي الحديث مسائل:
منها: تخفيف القراءة في صلاة السفر.
ومنها: تحسين الصوت بالقراءة؛ لأنَّه إذا حسنها في السفر، مع مظنة التعب والمشقة، ففي غيره أولى.
ومنها: جواز قول: عشاء الآخرة، مضافًا، والرد على الشعبي في إنكار ذلك.
ومنها: نقل أفعاله، وأقواله، وأحواله؛ إلى أمته - صلى الله عليه وسلم -؛ للعلم والعمل بها، والله أعلم.
* * *
[الحديث الخامس]
عَنْ عَائشِةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا-: أَن رَسُولَ الله - صَلَّى الله عليه وسلم - بَعَثَ رَجُلًا عَلَى سَرِيَّةٍ، فكَانَ يَقْرَأُ لأصْحَابِهِ فِي صَلاَتهِمْ، فَيَخْتِمُ بِقُلْ هُوَ اللهُ أَحْدٌ، فَلَمَّا رَجَعُوا، ذَكَرُوا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ - صَلَّى الله عليه وسلم -، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى الله عليه وسلم -: "سَلُوهُ: لأَيِّ شَيْءٍ، يَصْنَعُ ذَلِكَ؟ "، فَسَأَلوهُ، فَقَالَ: لأنَّها صِفَةُ الرَّحْمَنِ -عَزَّ وَجَلَّ-؛ فَإنِّي أُحِبُّ أَنْ أَقْرَأَ بِهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى الله عليه وسلم -: "أَخْبِرُوهُ أَن الله -عَزَّ وَجَلَّ- يُحِبُّهُ"(١).
أما عائشة - رضي الله عنها -، فتقدمت.
وأما الرجلُ المبعوثُ على السرية: فلا أعلم اسمَه في المبهمات.
(١) رواه البُخاريّ (٦٩٤٠)، كتاب: التوحيد، باب: ما جاء في دعاء النَّبيِّ - صَلَّى الله عليه وسلم - أمته إلى توحيد الله -تبارك وتعالى-، ومسلم (٨١٣)، كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: فضل قراءة: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}.