للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها: أن الخطوتين لا تبطل الصلاة، ولكن الأولى ترك الخطوة والخطوتين وغيرهما من أفعال إلا لحاجة، فإن كان لحاجة، فلا كراهة فيه كما فعل - صلى الله عليه وسلم -.

ومنها: أن الأفعال الكثيرة إذا تفرقت لا تبطل الصلاة؛ لأن النزول عن المنبر والصعود تكرر، فجملته كثيرة، وأفراده متفرقة كل واحد منهما قليل.

ومنها: جواز صلاة الإمام على موضع أعلى من موضع المأمومين لقصد التعليم بلا كراهة، بل هو مستحب، وكذلك حكم ارتفاع المأموم على الإمام لقصد إعلام المأمومين بصلاة الإمام، وإن لم يقصد شيئًا من ذلك، فهو مكروه، وزاد أصحاب مالك: إن قصد بذلك التكبر، بطلت صلاته.

ومنها: أنه ينبغي للكبير أو الإمام أو العالم إذا فعل شيئًا يخالف المعتاد أن يبين حكمه لأصحابه؛ ليزيل الريبة عنهم، ولأنه أبلغ في فهمهم.

ومنها: استحباب قصد تعليم المأمومين أفعال الصلاة؛ فإن ذلك لا يقتضي القدح والتشريك في العبادة، بل هو كرفع صوته بالتكبير ليسمعهم، وكذلك حكم إقامة الصلاة أو الجماعة لقصد التعليم، والله أعلم.

* * *

[الحديث الثاني]

عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما -: أَن رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "مَنْ جَاءَ مِنكمُ الجُمُعَةَ فَليغتسِلْ" (١).

تقدم الكلام على ابن عمر.

قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن جاء منكمُ الجمعةَ" المراد بالمجيء إرادتُه، بدليل قوله - صلى الله عليه وسلم - في رواية في "صحيح مسلم": "إِذَا أرَادَ أَحَدُكُمُ أَنْ يَأتِيَ الجُمُعَةَ" (٢)، وفي معنى إرادة المجيء قصدُ الشروع في المجيء.


(١) رواه البخاري (٨٥٤)، كتاب: الجمعة، باب: هل على من لم يشهد الجمعة غسل من النساء والصبيان وغيرهم؟ ومسلم (٨٤٤)، (٢/ ٥٧٩)، في أول كتاب الجمعة، وهذا لفظ البخاري.
(٢) رواه مسلم (٨٤٤)، (٢/ ٥٧٩)، كتاب: الجمعة، في أوله.

<<  <  ج: ص:  >  >>