للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وباقي فوائد الحديث وأحكامه تقدمت في الكلام على ألفاظه ومعانيه، والله أعلم.

* * *

[الحديث الثاني]

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، قَالَ: كُنَّا نُعْطِيهَا في زَمَانِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ، فَلَمَّا جَاءَ مُعَاوِيَّةُ، وَجَاءَتْ السَّمْرَاءُ، قَالَ: أَرَى مُدًّا مِنْ هَذَا يَعْدِلُ مُدَّيْنِ، قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: أَمَّا أَنَا، فَلَا أَزَالُ أُخْرِجُهُ كَمَا كُنْتُ أُخْرِجُهُ (١).

تقدم الكلام على هذا الحديث في الحديث قبله مبينًا واضحًا.

والأَقِط -بفتح الهمزة وكسر القاف، ويجوز إسكان القاف مع فتح الهمزة وكسرها؛ كنظائره-، وهو لبن يابس غيرُ منزوع الزُّبد.

والسمراء: هي الحنطة المحمولة من الشام.

وفي هذا الحديث دليل صريح في إجزاء الأقط في الفطرة، وإبطال القول من منعه.

وفيه دليل على أن فعل الشيء في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حجة في فعله وتقريره؛ لأن الظاهر علمه - صلى الله عليه وسلم - به، كيف والوحي كان ينزل؟ فلو كان فعل الشيء ممنوعًا منه، لنزل الوحي بمنعه، كيف وما يتعلق بشرع عام دائم؟

وفيه دليل على أنه لا يجوز لمن علم النص أن يرجع إلى اجتهاد المجتهد من العلماء، بل يجب على المجتهد الإقرار بالرأي، والتسليم للنص؛ كما ثبت من معاوية - رضي الله عنه - في هذه المسألة لما بلغه حديث أبي سعيد هذا، قال: إنه رأي رأيتُه؛ لأنه سمعه من النبي - صلى الله عليه وسلم -.


(١) رواه البخاري (١٤٣٧)، كتاب: صدقة الفطر، باب: صاع من زبيب، ومسلم (٩٨٥)، كتاب: الزكاة، باب: زكاة الفطر على المسلمين من التمر والشعير.

<<  <  ج: ص:  >  >>