للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شيء ولا ضده، حتى يسأل العلماء عنه، ويفعل ما يفتونه به؛ فإن عائشة - رضي الله عنها - جهلت الحكم، وعللته بإرضاع المرأة دون الرجل، وأعطت ذلك حكمه من الاحتجاب وغيره، وسألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، وأبدت مستندها في المنع، فعرفها - صلى الله عليه وسلم - الحكم، فعملت به.

وفيه دليل: على أن العالم إذا سئل عن مسألة قد قال فيها بعض أصحابه ما هو الصواب، أن يصدقه؛ ويقر قوله.

وفيه دليل: على جواز قول: تربت يمينك، أو يداك، لا بقصد الدعاء ولا غيره.

وفيه دليل: على وجوب احتجاب المرأة من الرجال الأجانب، وأنه كان مباحًا أول الإسلام.

وفيه دليل: على شرعية استئذان الرجال المحارم على محارمهم، والله أعلم.

* * *

[الحديث الثالث]

عَنْ عَائِشِةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْها- أَيْضًا، قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -، وَعِنْدِي رَجُلٌ، فَقَالَ: "يَا عَائشِةُ! مَنْ هَذَا؟ " قُلْتُ: أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ، فَقَالَ: "يَا عَائشِةُ! انْظُرْنَ مَنْ إخْوَانُكُنَّ، إنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنَ المَجَاعَةِ" (١).

الرجل المبهم الذي هو أخو عائشة، لا أعلم اسمه.

واعلم! أن معنى هذا الحديث: أن الرضاعة التي تقع بها الحرمة هي ما كان في زمن الصغر، والرضيع طفل يقوته اللبن ويسد جوعه، أما ما كان منه بعد ذلك، في الحال الذي لا يسد جوعه اللبن، ولا يشبعه إلا الخبز واللحم، وما في


(١) رواه البخاري (٢٥٠٤)، كتاب: الشهادات، باب: الشهادة على الأنساب والرضاع المستفيض، والموت القديم، ومسلم (١٤٥٥)، كتاب: الرضاع، باب: إنما الرضاعة من المجاعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>