للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان عمر بن عبد العزيز - رحمه الله - لما بلغه هذا الحديث جعله حدًّا، وكان يجعل من دون الخمس عشرة في الذرية، وعمل به الصحابة والتابعون وهلم جرًّا.

قال شيخنا الإمام أبو زكريا النووي - رحمه الله -: وفيه دليل على أن الخندق كانت سنة أربع من الهجرة، وهو الصحيح، قال: وجماعة من أهل السير والتواريخ يقولون: كانت سنة خمس، وهذا الحديث يرده؛ لأنهم أجمعوا على أن أحدًا كانت سنة ثلاث، فتكون الخندق سنة أربع؛ لأنه جعلها في هذا الحديث بعدها بسنة. هذا آخر كلامه (١).

وقد ذكرنا الاحتمال فيه على ما قاله أهل السير والمغازي آنفًا، والله أعلم.

وفيه دليل: على أنه ينبغي للإمام استعراض الجيش قبل الحرب، فمن وجده أهلًا، أجازه، ومن وجده غير أهل، رده، كما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعل، والله أعلم.

* * *

[الحديث السادس عشر]

وعَنْهُ أيضًا: "أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَسَمَ فِي النَّفَلِ لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ، وَلِلرَّاجِلِ سَهْمًا" (٢).

أما النَّفَل -بفتح النون والفاء معًا-، فيطلق، ويراد به الغنيمة، وهو المراد هنا، وقد يراد به الزيادة والعطية غير الغنيمة، لكن لما كانت الغنيمة عطية من الله تعالى؛ حيث أحلها - سبحانه وتعالى - لهذه الأمة دون غيرها، سميت: نفلًا، وعلى ذلك حمل قوله - تعالى -: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} [الأنفال:١]، وقد يراد به ما ينفله الإمام لسرية أو لبعض الغزاة خارجًا عن السهام


(١) انظر: "شرح مسلم" للنووي (١٣/ ١٢).
(٢) رواه البخاري (٣٩٨٨)، كتاب: المغازي، باب: غزوة خيبر، ومسلم (١٧٦٢)، كتاب: الجهاد والسير، باب: كيفية قسمة الغنيمة بين الحاضرين.

<<  <  ج: ص:  >  >>