للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الحديث الثاني]

عَن أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه -: أَن رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "مَطْلُ الغَنِي ظُلْمٌ، فَإذَا أُتْبِعَ [أَحَدُكُمْ] عَلَى مَلِيءٍ، فَلْيتبعْ" (١).

المَطْلُ في اللغة: مصدر مَطَلَهُ يَمْطُلُهُ -بضم الطاء- مَطْلًا، ومَاطَلَهُ مماطلةً، فهو مماطل، وهو مشتق من مطلتُ الحديدة: إذا ضربتها ومددتها لتطول، وكل ممدود ممطول (٢).

وهو في الشرع: منع أداء ما استحق أداؤه، فكأنه منع أداء الحق، فَمَطْلُ الغنيِّ ظُلْم وحَرَام، ومطلُ غيرِ الغني ليس بظلم ولاحرام؛ لمفهوم هذا الحديث؛ حيث إنه معذور؛ فلو كان غنيًّا، ولكنه ليس متمكنًا من الأداء؛ لغيبة المال، أو لغير ذلك، جاز له التأخير إلى الإمكان، وهذا مخصوص من مطل الغني، أو يقال: المراد بالغني: المتمكن من الأداء، فلا يدخل غير المتمكن في الحديث، والله أعلم.

والغني عند الفقهاء: من لا تحل له الزكاة، واختلف فيه، فقيل: من ملك نصاب فضة، وقيل: من ملك أوقية خالصة منها، وهي أربعون درهمًا.

وفيه حديث في "سنن أبي داود" (٣): وقد نفى النبي - صلى الله عليه وسلم - في "الصحيح" الغنى


(١) رواه البخاري (٢١٦٦)، كتاب: الحوالات، باب: في الحوالة، ومسلم (١٥٦٤)، كتاب: المساقاة، باب: تحريم مطل الغني.
(٢) انظر: "تحرير ألفاظ التنبيه" للنووي (ص: ١٠١)، و"لسان العرب" لابن منظور (١١/ ٦٢٤)، (مادة: مطل).
(٣) رواه أبو داود (١٦٢٨)، كتاب: الزكاة، باب: من يعطى من الصدقة، وحد الغنى، والنسائي (٢٥٩٥)، كتاب: الزكاة، باب: من الملحف؟ والإمام أحمد في "المسند" (٣/ ٩)، وابن حبان في "صحيحه" (٣٣٩٠)، عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - بلفظ: "من سأل وله قيمة أوقية، فقد ألحف"، فقلت: ناقتي الياقوتة هي خير من أوقية، قال هشام: خير من أربعين درهمًا -فرجعت فلم أسأله شيئًا- زاد هشام في حديثه: وكانت الأوقية على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربعين درهمًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>