واختلف العلماء في المراد من الآية الكريمة في القتل والصلب وقطع الأيدي والأرجل من خلاف: هل هو للتخيير أو للتقسيم؟ وهو راجع إلى الاختلاف في "أو"، فقال مالك: هي على التخيير، فيتخير الإِمام بين الأمور الثلاثة المذكورة، إلا أن يكون المحارب قد قَتل، فيتحتم قتله، وقال أبو حنيفة، وأبو مصعب المالكي: الإمام بالخيار، وإن قَتلوا، وقال بعض الحنفية: هذا النقل عن بعض الحنفية غلط؛ لأن مذهبه فيمن أخذ المال، وقتل: أن الإِمام بالخيار، إن شاء قطعه وقتله أو صلبه، وإن شاء قتله ابتداء أو صلبه.
وقال الشافعي وآخرون: هي على التقسيم، فإن قتلوا, ولم يأخذوا المال، قُتلوا، وإن قتلوا وأخذوا، قُتلوا وصُلبوا، وإن أخذوا المال ولم يقتلوا، قُطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف، وإن أخافوا السبيل، ولم يأخذوا شيئًا، ولم يقتلوا، طلبوا حتى يُعَزَّروا، وهو المراد بالنفي عند الشافعية.
وقالوا: لأن ضرر هذه الأفعال مختلف، فكانت عقوباتها مختلفة، فلم تكن للتخيير، والله أعلم.
* * *
[الحديث الثاني]
عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بن عُتبَةَ بْنِ مَسْعُودِ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ، وَزَيْدِ بْنِ خَالِدِ الجُهَنِيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-: أنهُمَا قَالَا: إن رَجُلًا مِنَ الأعْرَابِ أتى رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! أَنْشُدُكَ اللهَ، إلا قَضَيْتَ بينَنَا بِكِتَابِ اللهِ، وَائذنْ لِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - "قُلْ"، قَالَ: إن ابْنِي كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا، فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ، وإنِّي أخْبِرتُ أَن عَلَى ابْنِي الرَّجْمَ، فَافْتدَيْتُ مِنْهُ بِمِئَةِ شَاةٍ وَوَلِيدَةِ، فَسَأَلْتُ
= حبان في "صحيحه" (٤٥٨١)، والطبراني في "المعجم الأوسط" (٢٩٨٨)، وفي "الدعاء" (٢١٢٣)، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.