للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الحديث الثالث]

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -: أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "لَيْسَ عَلَى المُسْلِمِ في عَبْدِهِ وَلَا فَرَسِهِ صَدَقَةٌ" (١). وَفي لَفْظٍ: "إلا زَكَاةَ الفِطْرِ في الرَّقِيقِ" (٢).

قوله: "وفي لفظ: إلا زكاة الفطر في الرقيق" ليس هو مما اتفق عليه البخاري ومسلم، بل مما انفرد به مسلم فيما أعلم، والله أعلم.

وفي هذا الحديث أصل في أن الأموال القنية لا تجب فيها الزكاة، لكن قال العلماء: لا يصير المال للقنية إلا بالنية، ولا يصير للتجارة إلا بالنية -أيضًا-، وزكاته متعلقة بقيمته، لا بعينه، فعند عدم النية لهما، وعدم النص بعدم وجوبها يقتضي أن تجب الزكاة فيه، أو يكون مسكوتًا عنه، والحديث دال بصريحه على عدم وجوبها في غير الخيل والرقيق، وهو مذهب العلماء كافة من السلف والخلف، إلا أبا حنيفة وشيخه حماد بن أبي سليمان، وزفر؛ فإنهم أوجبوها في الخيل إذا كانت ذكورًا أو إناثًا، قولًا واحدًا، وإن انفردت الذكور والإناث، فعن أبي حنيفة في ذلك روايتان؛ من حيث إن النماء بالنسل لا يحصل إلا باجتماع الذكور والإناث، وإذا وجبت الزكاة، فهو مخير بين أن يخرج عن كل فرس دينارًا، أو يقوم ويخرج عن كل مئتين خمسة دراهم، فحينئذ وقع الإجماع على عدم وجوبها في عينها، بل بسببها، فيخرج من غيرها، وإنما احترزنا بقولنا: غير الخيل والرقيق عن وجوبها في قيمتها إذا كانت للتجارة، وهذا الحديث صريح في الرد عليهم؛ فإنه يقتضي عدم وجوبها في فرس المسلم مطلقًا، وفي عين العبيد، وقد استدل به الظاهرية على عدم وجوب زكاة التجارة، وقيل: إنه قول


(١) رواه البخاري (١٣٩٥)، كتاب: الزكاة، باب: ليس على المسلم في عبده صدقة، ومسلم (٩٨٢)، (٢/ ٦٧٥)، كتاب: الزكاة، باب: لا زكاة على المسلم في عبده وفرسه، وهذا لفظ مسلم.
(٢) رواه مسلم (٩٨٢)، (٢/ ٦٧٦)، كتاب: الزكاة، باب: لا زكاة على المسلم في عبده وفرسه، بلفظ: "ليس في العبد صدقة، إلا صدقة الفطر".

<<  <  ج: ص:  >  >>