تزوجته على مهر يتفقان عليه، كان لها ذلك المسمى، وعليها قيمتها للسيد، وإن تزوجها على قيمتها، فإن كانت القيمة معلومة له ولها، صحَّ الصداق، ولا يبقى له عليها قيمة، ولا لها عليه صداق، وإن كانت مجهولة، فالأصح وجهان للشافعية: أنه لا يصحُّ الصداق، ويجب مهر المثل، والنكاح صحيح.
ومنهم من صحح الصداق بالقيمة المجهولة، على ضرب من الاستحسان، وأن هذا العقد فيه ضرب من المسامحة والتخفيف. وتقدم مذهب الزهري، والثوري، وما نقل عن أحمد، وإسحاق من لزوم ذلك بالنسبة إليها دون جواز شرطه.
وظاهر الحديث مع هؤلاء، والقياس مع الأولين، ويؤولون الحديث على أن عتقها قائمٌ مقامَ الصداقِ، وأنه سمَّاه باسمه، كما تقدم، والله أعلم.
وقد يؤخذ من الحديث: استحباب عتق الأمة وتزوجها، وقد جاء التصريح به والحثُّ عليه في حديث آخر في الصحيح، لكنها إذا كانت موطوءة له بالملك، وأعتقها وتزوجها، هل يحتاج إلى استبراء؟
فيه وجهان للشافعية:
أصحهما عندهم: لا يحتاج إليه؛ لعدم المحذور من اختلاط المياه.
والثاني: يحتاج إليه تعبدًا، والله أعلم.
* * *
[الحديث الثاني]
عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - جَاءَتْهُ امْرَأَةْ فَقَاَلَتْ: إني وَهَبْتُ نَفْسِي لَكَ، فَقَامَتْ طَوِيلًا، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ! زَوِّجْنِيهَا إنْ لَمْ يكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ، فَقَالَ:"هَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَيْء تُصْدِقُهَا؟ "، فَقَالَ: مَا عِنْدِي إلَّا إزَارِي هَذَا، فَقَالَ رَسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إزَارُكَ إنْ أَعْطَيتهَا إيَّاهُ، جَلَسْتَ وَلَا إزَارَ لَكَ، فَالْتَمِسْ شَيْئًا"، فَقَالَ: مَا أَجِدُ، قَالَ: "فَالْتَمِسْ وَلَوْ خَاتمًا