للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومنهم من حمل حديث الفضل وأسامة على من أدركه الفجر مجامعًا، فاستدام بعده عالمًا، فإنه يفطر، ولا صوم له، وهو بعيد من حيث تسمية المجامع حال جماعه عرفًا جنبًا، والله أعلم.

وقولهما: "من أهله" فيه حذف لمضاف تقديره: من جماع أهله، وإنما ذكرتا ذلك لإزالة اللبس وزيادة الإيضاح؛ حيث يقع في الذهن احتمال الاحتلام في النوم؛ فإنه على غير اختيار من الجنب، فيكون سببا للرخصة، بخلاف جنابة المجامع، ففي ذلك دليل على جواز الاحتلام من الأنبياء - صلوات الله وسلامه عليهم -، ولا يلزم من الاحتلام أن يكون في حقهم من تلاعب الشيطان؛ حيث يكون فيضًا مجردًا، أو في مَحَلٍّ حلالٍ؛ فإن الأنبياء - صلى الله عليهم وسلم - منزهون من تلاعب الشيطان، والله أعلم.

وهذا المذكور في الحديث حكم الجنب، سواء كان رجلًا أو امرأة، وأما الحائض والنفساء إذا انقطع دمهما في الليل، ثم طلع الفجر قبل اغتسالهما، صح صومهما، ووجب عليهما إتمامه، سواء تركتا الغسل عمدًا، أو سهوًا، بعذر، أو غيره؛ كالجنب، وهذا مذهب العلماء كافة، وفي مذهب مالك في وجوب القضاء عليهما قولان، فعلى أحد قوليه، في وجوب القضاء: يلزم عنه عدم صحة صومهما؛ لأن القضاء فعل الشيء خارج الوقت لنوع من الخلل الواقع في الوقت، ولم يكن ثَمَّ خلل إلا عدم اغتسالهما قبل طلوع الفجر، وهذا قول ضعيف مخالف لقول العلماء، والله أعلم.

* * *

[الحديث السادس]

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: "مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ، فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ، فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ؛ فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللهُ وَسَقَاهُ" (١).


(١) رواه البخاري (١٨٣١)، كتاب: الصوم، باب: الصائم إذا أكل أو شرب ناسيًا، ومسلم =

<<  <  ج: ص:  >  >>