للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الحديث الثامن]

عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-: أَن رَجُلاَ عَضَّ يَدَ رَجُلٍ، فنَزَعَ يَدَهُ مِنْ فَمِهِ، فَوَقَعَتْ ثَنِيَّتاهُ، فَاخْتَصَمُوا إلَى النبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: "يَعَضُّ أَحَدُكمْ أَخَاهُ كَمَا يَعَضُّ الفَحْلُ؟ لَا دِيةَ لَكَ" (١).

أما الرجل العاضُّ والمعضوض؟ ففي رواية في "صحيح مسلم": أن المعضوض هو: يعلى بن منية، أو أمية.

وفي روايتين فيه: أنه أجير يعلى، لا يعلى (٢)، وهو الصحيح المعروف عند الحفاظ.

قال شيخنا أبو زكريا النووي -رحمه الله تعالى- الحافظ: ويحتمل أنهما قضيتان جرتا ليعلى ولأجيره في وقت أو وقتين (٣).

وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: "كما يعضُّ الفحلُ"؛ فهو بالحاء المهملة؛ أي: الفحلُ من الإبل وغيرها.

وفي الحديث: إشارة إلى تحريم العض.

وفيه دليل: على أنه ترتب بسبب العض جناية بسقوط سن؛ لتخليص نفسه من عض العاض، فلا ضمان على المعضوض، وهو مذهب الشافعي، وأبي حنيفة وغيرهما، وينبغي أن يكون ذلك بشرط ألَّا يمكنه تخليص يده بغير ذلك


(١) رواه البخاري (٦٤٩٧)، كتاب: الديات، باب: إذا عضّ رجلًا فوقعت ثناياه، ومسلم (١٦٧٣)، كتاب: القسامة، باب: الصائل على نفس الإنسان أو عضوه، إذا دفعه المصول عليه، فأتلف نفسه أو عضوه، لا ضمان عليه.
(٢) انظر: "صحيح مسلم" (٣/ ١٣٠٠ - ١٣٠١).
(٣) انظر: "شرح مسلم" للنووي (١١/ ١٦٠). قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (١٢/ ٢٢٠): وتعقبه شيخنا -يعني: العراقي- في "شرح الترمذي" بأنه ليس في رواية مسلم ولا رواية غيره في الكتب الستة ولا غيرها أن يعلى هو المعضوض، لا صريحًا ولا إشارة، وقال شيخنا: فيتعين على هذا أن يعلى هو العاض، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>