محدودين، وبه قال الزهري، والأوزاعي، وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه، لكن ظاهر القرآن حجة لجمهور العلماء في صحة اللعان بين الأحرار والعبيد والمسلمين وأهل الذمة، وجريانه بينهم؛ لأن الله تعالى قال:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ}[النور:٦]، ولم يفصل بين الحر والعبد، والمحدود وغيره؛ كما قال:{وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ}[المجادلة: ٣]؛ فإنه يستوي فيه الحر والعبد.
وممن قال بجريان اللعان بين من ذكرنا: سعيدُ بن المسيب، وسليمانُ بن يسار، والحسن، وربيعة، ومالك، والشافعي، وأكثر أهل العلم.
ومنها: ثبوت مهر الملاعنةِ المدخولِ بها.
ومنها: استقرار المهر جميعِه بالدخول، وكل من المسألتين في المهر مجمع عليه؛ لنصه - صلى الله عليه وسلم - على ثبوته، ولتعليله في مهر الملاعنة بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فهو بما استحلَلْتَ من فَرْجِها".
ومنها: أن الملاعنة لو أكذبت نفسها، لا يسقط شيء من مهرها؛ لوجود العلة، والله أعلم.
* * *
[الحديث الثاني]
عَنِ ابْنِ عُمَرَ أيضًا -رَضِيَ اللهُ عَنْهُما-: أَن رَجُلًا رَمَى امْرَأَتَهُ، وَانْتَفَى مِنْ وَلَدِهَا فِي زَمَانِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَأَمَرَها رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَتَلاَعَنَا كَمَا قَالَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ-، ثُمَّ قَضَىَ بِالوَلَدِ لِلْمَرْأَةِ، وَفَرَّقَ بَيْنَ المُتَلاَعِنَيْنِ (١).
هذا الحديث مرفوع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ حيث أضاف ابن عمر الصحابي القضيةَ إلى زمنه - صلى الله عليه وسلم -، وقضائِه وأمرِه. وهذا لا خلاف فيه بين العلماء، وإنما الخلاف فيما يذكره الصحابي مضافًا إليه، أو إلى غيره، وإضافته إلى زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -،