ينبني على جواز القياس على المختلف فيه، وقد منعه بعضهم، واستعمالهم له يدل على جوازه، وحينئذ يرجع ذلك إلى تخصيص العموم بالقياس، وللأصوليين فيه أقوال متعددة، والله أعلم.
الثامنة: في ظاهر الحديث دليل على أنه لا تحصل التحية إلا بفعل ركعتين، ولا يشترط أن ينوي بهما التحية، بل لو صلى الفريضة ركعتين، أو سنة راتبة، أو نافلة مطلقة، حصلت، ولو صلى ركعة، أو سجد لتلاوة أو شكر، أو صلى صلاة الجنازة بنية التحية، حصلت على وجه لبعض أصحاب الشافعي، والصحيح أنها لا تحصل، وهو الصواب؛ للنص على صلاة ركعتين، وليس ذلك في معناهما، إلا أن يكون المفهوم من الحديث شغل المسجد بعبادة مطلقة عند الدخول تعظيمًا له، لكن تعظيمه بركعتين أبلغُ في إكرامه واحترامه من ركعة أو سجدة أو قيام، كيف والمعتبر في العبادات التوقيف، ولم يرد ما يدل على خلافه؟ والله أعلم.
قال أصحاب الشافعي: ولو نوى بصلاته التحية والمكتوبة، انعقدت صلاته، وحصلتا له؛ لأنه ليس في نيته وفعله ما ينافي المأمور، والله أعلم.
أما زيد بن أرقم، فهو أنصاريٌّ خزرجيٌّ، وهو ابنُ أرقمَ بنِ زيدِ بنِ قيسِ بنِ النعمانِ بنِ مالكِ بنِ الأغرِّ بنِ ثعلبةَ بنِ عمرِو بنِ كعبِ بنِ الخزرجِ بنِ
(١) رواه البخاري (٤٢٦٠)، كتاب: التفسير، باب: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: ٢٣٨]، ومسلم (٥٣٩)، كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: تحريم الكلام في الصلاة، ونسخ ما كان من إباحة، وهذا لفظ مسلم.