للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الحديث الثالث]

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدْعُو: "اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ، وَمنْ عَذَابِ النَّارِ، ومنْ فِتْنَةِ المَحْيَا والمَمَاتِ، وَمنْ فِتْنَةِ المَسِيح الدَّجَّالِ" (١)، وفي لفظٍ لمسلم: "إذَا تَشَهَّدَ أَحَدُكُمْ، فَلْيَسْتَعِذْ باللهِ مِنْ أَرْبعٍ، يَقُولُ: اللَّهُمَّ إني أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّم"، ثم ذكر نحوه (٢).

تقدم الكلام على أبي هريرة.

وقوله: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعو" إلى آخره:

فيه دليل على استحباب هذا الدعاء آخر الصلاة قبل السلام، وفي "صحيح مسلم": أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يعلمهم هذا الدعاء كما يعلمهم السورة من القرآن، وأن طاوسًا - رحمه الله - أمر ابنه بإعادة الصلاة حين لم يَدْعُ بهذا الدعاء فيها (٣)، وهذا كله دليل على تأكيد على هذا الدعاء والتعوذ، والحث الشديد عليه، وظاهر كلام طاوس أنه حمل الأمر به على الوجوب، فأوجب الإعادة للصلاة بفواته، وجمهور العلماء على أنه مستحب، ليس بواجب، ولعل طاوسًا أراد تأديب ابنه، وتأكيد هذا الدعاء عنده، لا أنه يعتقد وجوبه، والله أعلم.

واعلم أن دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - واستعاذته من هذه الأمور التي عوفي منها وعُصم إنما فعله ليلتزم خوف الله تعالى وإعظامه والافتقار إليه، لتقتدي أمته به، وليبين لهم صفة الدعاء والمهم منه، والله أعلم.

وقوله: "أعوذ بك من عذاب القبر":

فيه إثبات عذاب القبر وفتنته، وهو متكرر مستفيض في الروايات عن


(١) رواه البخاري (١٣١١)، كتاب: الجنائز، باب: التعوذ من عذاب القير.
(٢) رواه مسلم (٥٨٨)، كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: ما يستعاذ منه في الصلاة.
(٣) رواه مسلم (٥٩٠)، كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: ما يستعاذ منه في الصلاة، عن ابن عباس - رضي الله عنهما -.

<<  <  ج: ص:  >  >>