عَن أَبِي هُرَيرةَ -رَضِيَ اللهُ عَنهُ-، عَن عَبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا-: أَن رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - رَخَّصَ في بيعِ العَرَايَا في خَمْسَةِ أَوسُقٍ، أَوْ دُونَ خَمسَةِ أَوْسُقٍ (١).
في حديث أبي هريرة هذا بيان مقدار ما تجوز فيه الرخصة في العرية من بيع المزابنة، ولا شك في جوازه فيما دون خمسة أوسق بلا خلاف عند الشافعية، من غير اختلاف عندهم في نص الشافعي عليه، ولم يختلفوا في عدم الجواز فيما زاد على خمسة أوسق، وفي جوازه في الخمسة أوسق قولان للشافعي، أصحهما: لا يجوز؛ لأن الأصل في ذلك التحريم، وجاءت العرايا رخصة، وشك الراوي في الخمسة الأوسق أو دونها، فوجب الأخذ باليقين، وهو دونها، وبقي ما زاد على التحريم والاعتبار فيما يجوز من قدر الرخصة في العرية إذا كان العقد عليه في صفقةٍ واحدة، فالزائد عليه في الصفقة لم يجز، والناقص عنه جائز، فلو كانت أكثر من خمسة أوسق في صفقات متعددة، فلا منع منه بلا خلاف، فلو باع في صفقة واحدة من رجلين القدر الجائز لكل واحد منهما، جاز، ولو باع رجلان من واحد، فكذلك الحكم في أصح الوجهين؛ لأن الصفقة تعددها بتعدد البائع أظهر من تعددها بتعدد المشتري.
وفيه وجه آخر: أنه لا تجوز الزيادة على خمسة أوسق في هذه الصورة؛ نظرًا إلى الربويات، فلا ينبغي أن يدخل في ملكه فوق القدر المجوز دفعة واحدة، والظاهر من الحديث أنه محمول على صفقة واحدة من غير تعدد بائع ومشتر؛ جريًا على العادة والغالب.
* * *
(١) رواه البخاري (٢٠٧٨)، كتاب: البيوع، باب: بيع الثمر على رؤوس النخل بالذهب والفضة، ومسلم (١٥٤١)، كتاب: البيوع: باب: تحريم بيع الرطب بالتمر إلا في العرايا.