وفيه دليل على: استحباب الجلوس في مصلاه، بين التسليم والانصراف، بقدر قيام، أو ركوع، أو سجود.
وفيه دليل على: أن التابع يستحب له أن يرمق أفعال متبوعه في صلاته، وعبادته؛ ليعمل بها، وينقلها، ولا يسأله باللفظ عنها؛ بل يحمل عنه كلفة الجواب، والتعليم بالقول، خصوصًا إذا تعلقت بالمتبوع تكاليف كثيرة، والله أعلم.
وفيه دليل على: أن أفعاله - صلى الله عليه وسلم - حجة؛ كأقواله، والله أعلم.
* * *
[الحديث الثامن]
عَنْ ثابِتٍ البُنانِي، عَنْ أنسِ بْنِ مالِكٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: إني لا آلُو أَنْ أصَلِّيَ بِكُمْ؛ كما رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي بِنا، قَالَ ثابِتٌ: فَكانَ أَنَسٌ يَصنعُ شَيْئًا لا أَراكُمْ تَصنَعُونَهُ؛ فَكانَ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكوعِ، انْتَصَبَ قائِمًا، حَتى يقُولَ القائلُ: قَدْ نَسِيَ، وَإذا رَفَعَ مِنَ السَّجْدَةِ، يَمْكُثُ، حَتَّى يقُولَ القائِلُ: قَدْ نَسِيَ (١).
أما أنس؛ فتقدم.
وأما ثابت:
فكنيته: أبو محمَّد بن أسلم، تابعي جليل، عابد ثقة، بصري.
سمع جماعة من الصحابة؛ كابن الزبير، وابن عمر، وابن مغفل، وغيرهم، وخلقًا من التابعين.
وروى عنه: جماعة من التابعين الصغار، وخلق سواهم.
اتفقوا على توثيقه؛ وهو أحد الثلاثة الذين هم أثبتُ الناس في أنس:
(١) رواه البخاري (٧٨٧)، كتاب: صفة الصلاة، باب: المكث بين السجدتين، ومسلم (٤٧٢)، كتاب: الصلاة، باب: اعتدال أركان الصلاة وتخفيفها في تمام.