وأمَّا كون النَّاس بفعله بخير، وأن الدين لم يزل ظاهرًا بتعجيله؛ فلِما فيه من إظهار السنَّة؛ فإنَّ الخير كله في متابعتها، والشر كله في مخالفتها، وفعلها كالعلم على صلاح الدِّين والأمور كلها، وتركها كالعلم على فساد الدِّين والأمور كلها، حتَّى إنَّ الصحابة - رضي الله عنهم - كانوا إذا خذلوا في أمرٍ، فتَّشوا على ما تركوا من السنَّة، فإذا وجدوه، علموا أنَّ الخذلان إنَّما وقع بترك تلك السنَّة، فلا يزال أمر الأمة منتظمًا، وهم بخير، ما داموا محافظين على سنَّة تعجيل الفطر، وإذا أخَّروه، كان علامةً على فساد يقعون فيه.
وفي الحديث دليل على استحباب تعجيل الفطر، بعد تحقق غروب الشَّمس، وقد اتَّفق العلماء عليه.
وفيه: الردُّ على المتشيعة الذين يؤخرون الفطر إلى ظهور النجم، ولعلَّ المراد بالحديث الرَّدُّ عليهم.
وفيه: الحثُّ على اتِّباع السنَّة، وترك مخالفتها، وأن فساد الأمر بتركها، والله أعلم.
* * *
[الحديث العاشر]
عن عُمَرَ بنِ الخَطَّاب - رَضِيَ اللهُ عنهُ - قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِن هَاهُنَا، وَأَدْبرَ النَّهَارُ مِنْ هَاهُنَا، فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ"(١).
وتقدَّم الكلام على عمر أول الكتاب.
أمَّا إقبال الليل وإدبار النهار، فهما متلازمان في الوجود، وقد ينفكان في الحس في بعض المواضع؛ بأن يكون في جهة المغرب ما يستر البصر عن