الغروب، ويكون بالمشرق ظاهرًا بارزًا؛ بأن يكون في واد؛ بحيث لا يشاهد غروب الشمس، فيعتبر إقبال الظلام، وإدبار الضياء.
وجاء في رواية في هذا الحديث:"وغابت الشمس"(١)، وهي ملازمة للإقبال والإدبار، لكنَّها مخرجة على ما ذكرنا فيهما.
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ"، معناه: فقد انقضى صومه وتمَّ، وصار في حكم المفطر، وإن لم يأكل، ويكون المعنى: فقد حل له الفطر بعد أن كان حرامًا، أو يكون المراد: فقد دخل في الفطر، وإن لم يأكل، كما يقال: أصبح، إذا دخل في وقت الصُّبح، وأمسى، وأظهر كذلك، ويكون مفطرًا شرعًا، لا حسًّا؛ كالعيدين والتشريق، وتكون الفائدة فيه: أنَّ اللَّيل غير قابل للصوم، وأنَّه بنفس دخوله خرج الصائم من الصَّوم.
وعلى المعنى الأول: يكون دخول اللَّيل علامةً لجواز الفطر، وعلى الثاني: يكون فيه بيان امتناع الوصال، بمعنى الصَّوم الشرعي.
فلا يكون من أمسك حسًّا صائمًا شرعًا، بل هو مفطر شرعًا، وفي ضمن ذلك إبطال فائدة الوصال شرعًا؛ إذ لا يحصل به ثواب الصَّوم.
وقال بعضهم: لا يجوز الإمساك بعد الغروب، وهو كإمساك يوم الفطر، ويوم النَّحر، وقال بعضهم: هو جائز، وله أجر الصائم، واحتجوا بأن الأحاديث الواردة في الوصال فيها ما يدل على النَّهي عن الوصال تخفيفا ورفقًا، وفي بعضها نهاهم عن الوصال رحمة لهم.
وفي هذا الحديث فوائد:
بيان وقت الصَّوم وتحديده.
ومنها: الرَّد على أهل الكتاب وغيرهم من المتشيعة الذين قالوا: لا يفطر حتَّى تظهر النجوم.