للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه دليل على المبادرة إليه - صلى الله عليه وسلم - في ذلك جميعه، بقوله: فجعلناها عمرة، فأتى بفاء التعقيب الدالة على عدم التراخي من غير مهلة، والله أعلم.

* * *

[الحديث الثالث]

عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُما- قالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابُهُ، صَبِيحَةَ رَابعَةٍ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ! أَيُّ الحِلِّ؟ قَالَ: "الحِلُّ كُلُّهُ" (١).

قوله: "قَدِمَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابُهُ صَبِيحَةَ رابِعَةٍ"، يعني؛ قدم مكة في حجه صبيحة ليلة رابعة، وكان ذلك يوم الأحد من ذي الحجة حيث كان يوم الجمعة بعد يوم عرفة، وهو التاسع.

وقول الصحابة -رضي الله عنهم-: "أَيُّ الحِلِّ" هو استفسار منهم؛ لأنهم استبعدوا جواز جميع أنواع الحلِّ من الجماع المفسد للإحرام، فأجابهم - صلى الله عليه وسلم - بما يقتضي التحلل المطلق، والذي يدل على هذا قولهم في الحديث قبله: "ننطلق إلى منى، وذكر أحدنا يقطر"؛ فإن ذلك يُشعر باستبعادهم التحلل المبيح للجماع، والله أعلم.

وفي الحديث دليل على فسخ الحجِّ إلى العمرة.

وفيه دليل على أن التحلُّلَ بالعمرة تحللٌ مطلق بالنسبة إلى جميع محظورات الإحرام.

وفيه دليل على أن التابع إذا وقع في ذهنه التخصص في لوازم المأمور به أن يسأل عنه مجملًا.

وفيه: البيان بالعموم من غير ذكر المراد، والله أعلم.


(١) رواه البخاري (١٤٨٩)، كتاب: الحج، باب: التمتع والإقران والإفراد بالحج، ومسلم (١٢٤٠) كتاب: الحج، باب: جواز العمرة في أشهر الحج.

<<  <  ج: ص:  >  >>