للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الحديث الثالث]

عنه، قَالَ: قَالَ رَسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، أَو قَالَ: سَمِعتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - يقُولُ: "مَنْ أَدرَكَ مَالَه بِعَينِهِ عِندَ رَجُلٍ أَو إنسَانٍ قَد أَفلَسَ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِن غيره" (١).

أما قوله: "قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَو قَالَ: سَمِعتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - "، فهذا شكٌ من الراوي عن أبي هريرة، وفيه مسألتان:

إحداهما: اختلف في تغيير: "قال رسول الله" إلى "قال النبي"، وعكسه؛ هل يجوز؟ على مذهبين: قال الأكثرون: يجوز، وهو مذهب أحمد بن حنبل، وحماد بن سلمة، والخطيب، وقال أبو عمرو بن الصلاح - رحمه الله -: الظاهر أنه لا يجوز، وإن جازت الرواية بالمعنى؛ لاختلافه (٢)، واختار شيخنا أبو زكريا النووي - رحمه الله - الجواز، قال: لأنه لا يختلف به هنا معنى، ولما وقع الخلاف في هذه المسألة، ساغ للراوي التحرِّي في أي اللفظين سمع؛ ليرويه به (٣).

الثانية: أرفع عبارات الرواية: (سمعت) عند جماهير المحدثين، ثم (حدثنا)، ثم (حدثني)، وأما: (قال) ممن عرف لقاؤه؛ كالصحابي بالنسبة إلى رسول - صلى الله عليه وسلم -، فهي محمولة على السماع، لكنها دون (سمعت) في الرتبة، فلهذا حسن تحري الراوي عن أبي هريرة في أي اللفظين قال، والله أعلم.

وكذلك الشك في قوله: عند رجل أو إنسان، لما كان بينهما تغاير في المعنى، أو في اللفظ، حسن التحري فيه، وروايتُه على الشك عند عدم التحقق لما سمعه من اللفظين، والله أعلم.


(١) رواه البخاري (٢٢٧٢)، كتاب: الاستقراض، باب: إذا وجد ماله عند مفلس في البيع والقرض والوديعة فهو أحق به، ومسلم (١٥٥٩)، كتاب: المساقاة، باب: من أدرك ما باعه عند المشتري وقد أفلس فله الرجوع فيه.
(٢) انظر: "علوم الحديث" لابن الصلاح (ص: ١٢٠).
(٣) انظر: "شرح مسلم" للنووي (١/ ٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>