حتى يبلغ، فينتسب إلى من تميل إليه نفسه منهما، وإن ألحقه بهما، فمذهب عمر بن الخطاب، ومالك، والشافعي: أنه يترك حتى يبلغ، فينتسب إلى من يميل إليه منهما، وقال أبو ثور، وسحنون: يكون ابنًا لهما. وقال الماجشون ومحمد بن مسلمة المالكيان: يلحق بأكثرهما له شبهًا. قال ابن مسلمة: إلا أن يُعلم الأول، فيلحق به.
واختلف النافون للقائف في الولد المتنازَع فيه، فقال أبو حنيفة: يلحق بالرجلين المتنازِعين فيه، ولو تنازع فيه امرأتان، لحق بهما، وقال أبو يوسف، ومحمد: يلحق بالرجلين، ولا يلحق إلا بامرأة واحدة، وقال إسحاق: يقرع بينهم، والله أعلم.
* * *
[الحديث السادس]
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: ذُكِرَ العَزْلُ لِرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ:"وَلِمَ يَفْعَلُ ذَلِكَ أَحَدُكُمْ؟ "، ولم يَقُلْ: فَلا يَفْعَلْ ذَلِكَ أَحَدُكُمْ؛ "فَإِنَّهُ لَيْسَتْ نَفْسٌ مَخْلُوقَةٌ إلَّا اللهُ خَالِقُهَا"(١).
اعلم أن العزلُ أن يُجامِعَ، فَإِذَا قَارَبَ الإِنْزَالَ، نَزَعَ، وأَنْزَلَ خَارِجَ الفَرْجِ، وتَتَأَذَّى المَرْأَةَ بِهِ.
والحكمة في إنكار فعله؛ كونه قطع للنسل، ويلزم من فعله الأذى المتعدي إلى مَنْ أُمرنا بعشرته بالمعروف، وفعلُ الأذى ليس بمعروف.
وقد سماه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: الوَأْدَ الخَفِيَّ؛ حيث إنه قطع طريق الولادة، كما يقتل المولود بالوأد.
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فَإنهُ لَيْسَتْ نَفْسٌ مَخْلُوقَةٌ إِلَّا اللهُ خالِقُها"؛ معناه: أن ترك العزل
(١) رواه البخاري (٦٩٧٤)، كتاب: التوحيد، باب: {هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ} [الحشر: ٢٤]، ومسلم (١٤٣٨)، كتاب: النكاح، باب: حكم العزل، وهذا لفظ مسلم.