ووجه الدلالة من الحديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - سُرَّ بذلك، ولكون في أمته من يميز الأنساب عند الاشتباه.
قال الشافعي -رحمه الله تعالى-: ولا يسر - صلى الله عليه وسلم - بباطل.
واعتذر أبو حنيفة -رحمه الله تعالى- ومن قال بقوله عن الحديث: بأنه لم يقع فيه إلحاق متنازع فيه، ولا هو وارد في محل النزاع؛ فإن أسامة كان لاحقًا بفراش زيد من غير منازع له فيه، وإنما كان الْكُفَّارُ يطعنون في نسبه؛ للتباين بين لونه ولون أبيه في السواد والبياض، فلما غطيا رؤوسهما، وبدت أقدامهما، وألحق مجزز أسامةَ بزيد، كان ذلك إبطالًا لقول الْكُفَّار بسبب اعترافهم بحكم القيافة، وإبطال طعنهم في حقٍّ لم يثبته النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا بحق، والأولون يجيبون بأنه، وإن كان ذلك واردًا في صورة خاصة، إلا أن له جهة عامة، وهي دلالة الأشباه على الأنساب، فنأخذ هذه الجهة من الحديث، ونعمل بها.
وهذا معنى قول أصحاب أصول الفقه: العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
واتفق القائلون بالعمل بالقائف على اشتراط عدالته، واختلف أصحاب الشافعي في اشتراط العدد فيه، أم يكفي قول واحد من غير عدد؟ والراجح عندهم: الاكتفاء بواحد، وكأنهم يلتفتون إلى أن القيافة منزلة منزلة الحكم أم الشهادة؟ فإن كان حكمًا، اكتفي بواحد؛ وإن كان شهادة، فلا بد من اثنين.
وأما اكتفاء النبي - صلى الله عليه وسلم - بمجزز في ذلك منفردًا يدل للراجح، وأنه قائم مقام الحكم لا الشهادة، والله أعلم.
وقال مالك: لا بد فيها من اثنين، وبالراجح قال ابن القاسم من المالكية.
واختلف أصحاب الشافعي في اختصاص القيافة ببني مدلج، والأصح: عندهم الاختصاص.
واتفق العلماء القائلون بها على أنه يشترط خبيرًا بها مجربًا، ثم إذا رجعنا إلى قوله، فألحقه بأحدهما، لحق به، فإن أشكل عليه، أو نفاه عنهما، ترك الولد