للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عدم التماثل في الربويات من التمر، لا كثرة ولا غيرها، لا من البائع الأول ولا من غيره، وذلك يعم كل الربويات، وهذه الصورة وغيرها ليست بحرام عند الشافعي وغيره وآخرين، وقال مالك، وأحمد، وغيرهما: كلّ ذلك حرام، والحديث مطلق عندهم يصدق في صورة واحدة، فلا تعم، والله أعلم.

ومنها: أن التفاضل في الصفات لا اعتبار به في تجويز الزيادة.

ومنها: أن قومًا أخذوا من الحديث تجويز الذرائع؛ من حيث قوله - صلى الله عليه وسلم -: "بعِ التمْرَ بِبيعٍ آخَرَ ثم اشْتَرِ بِهِ"؛ فإنه أجاز بيعه وشراءه على الإطلاق، ولم يفصل بين أن يبيعه ممن باعه، أو من غيره، ولا بين أن القصد والتوصل إلى شري الأكثر أولًا، والمانعون من الذرائع يجيبون: بأنه مطلق لا عام، فيحمل على بيعه من غير البائع، أو على غير الصورة التي يمنعونها؛ فإنَّ المطلق يكتفى في العمل به بصورة واحدة، وقد بيَّنَّا أَن قوله: "فَبعِ التمْرَ" عائد على الرديء، لا على الجيد، وقوله: "ثم اشْتَرِ بِهِ" عائد على الجيد؛ تصحيحًا للمعنى فيهما، والله أعلم.

* * *

[الحديث الرابع]

عَن أَبِي المِنهالِ قَالَ: سَألْتُ البَرَاءَ بْنَ عَازِب، وَزَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُما- عَن الصرفِ، فكُل واحِدٍ مِنْهُما يقُولُ: هَذَا خَيْر مِني، وَكِلاهُمَا تقُولُ: نَهَى النبِي - صلى الله عليه وسلم - عَنْ بيعِ الذهَبِ بِالوَرِقِ دَيْنًا (١).

أما أَبُو المنهال، فهو سيار بن سلامة، وتقدم ذكرُه في أثناء باب: المواقيت، من كتاب: الصلاة، وأما البراء، وزيد بن أرقم، فتقدّما في الصلاة.

وقولُه: "نَهَى رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ بيعِ الذهَبِ بِالوَرِقِ دَيْنًا": يعني مؤجلًا، أما إذا باعه في الذمة حالًا، فإنه يجوز كما تقدم، وشرطه التقابض في المجلس.


(١) رواه البخاري (٢٠٧٠)، كتاب: البيوع، باب: بيع الذهب بالورق نسيئة، ومسلم (١٥٨٩)، كتاب: المساقاة، باب: النهي عن بيع الورق بالذهب دينًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>