للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصحيح ما قاله الشافعي وموافقوه؛ حيث إنه - صلى الله عليه وسلم - حصر عدم القطع إلا في ربع دينار. وحديث المجن الذي قيمته أو ثمنه ثلاثة دراهم محمول على ربع دينار كما ذكرنا. وهي قضيّة عين لا عموم لها، فلا يجوز ترك صريح لفظه - صلى الله عليه وسلم - في تحديد النصاب لهذه الرواية المحتملة، بل يجب حملها على موافقة لفظه - صلى الله عليه وسلم -.

وانظر إلى كرم الله تعالى على المكلفين من عباده، ونوعهم؛ حيث جعل في قطع اليد إذا لم يقتص منها نصف الدية؛ تعظيمًا لقدرها، وجعل للسارق قدر ربع دينار، أو ربع دينار بقطع يده؛ تحقيرًا لها بسبب المعصية المتعلقة بحق الله تعالى في المخالفة وحق المسلم في ماله، والله أعلم.

والروايات المروية في التقديرات الزائدة على ربع دينار أو ما قيمته ربع دينار، كلها ضعيفة لا يعمل بها، لو انفردت، كيف وهي مخالفة لصريح الأحاديث الصحيحة، مع أنه يمكن تأويلها عليها؛ بأن ما زاد على التقديرين المذكورين، كان قيمة لهما، والله أعلم.

[الحديث الثاني]

عَنْ عَائشِةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا-: أنَّها سَمِعَتْ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "تُقْطَعُ اليَدُ فِي ربع دِينَارٍ فَصَاعِدًا" (١).

أما ما تقطع فيه اليدُ من المال المسروق، فقد ذكرناه في الحديث قبله، لكن يشترط أن تكون السرقة من حِرْز، عند جميع العلماء، إلا داود الظاهري، فلم يشترطه.


(١) رواه البخاري (٦٤٠٧)، كتاب: الحدود، باب: قوله الله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: ٣٨]، ومسلم (١٦٨٤)، كتاب: الحدود، باب: حد السرقة ونصابها.

<<  <  ج: ص:  >  >>