الشافعي، ومالك، فإن اختار الوالي العدول إلى السيف، فله ذلك.
وقال أبو حنيفة: لا قودَ إلا في القتل بالسيف، والحديثُ يرد عليه، وهو دليل لمالك والشافعي؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - رضَّ رأس اليهودي بين حجرين كما فعل هو بالجارية، فلو كان الذي وقع به القتل محرمًا؛ كالسحر، فإنه لا يقتل به.
واختلف أصحاب الشافعي فيما لو قتل باللواط، وبإيجار الخمر، فمنهم من أسقط المماثلة؛ حيث إنها محرمة كالسحر، ومنهم من قال: تدس فيه خشبة مثل الذكر، ويوجر الماء بدل الخمر.
والقتل بالسيف في هذه الصورة، قيل: هو أشد من فعله، والخنق يغيب الحس، فهو أسهل من فعله، والله أعلم.
* * *
[الحديث الخامس]
عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: لَما فَتَحَ اللهُ عَلَى رَسُولهِ - صلى الله عليه وسلم - مَكةَ، قَتَلَتْ هُذَيْل رَجُلًا مِنْ بَنِي لَيْثٍ بِقَتِيلٍ كَانَ لَهُمْ في الجَاهِلِيةِ، فَقَامَ النبِي - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ:"إن اللهَ -عَز وَجل- قَدْ حَبَس عَنْ مَكَّةَ الفِيلَ، وَسَلَّطَ عَلَيْهَا رَسُولَهُ وَالمُؤمنينَ، وإنَّهَا لَا تَحِل لأَحَدٍ كَانَ قَبْلِي، وإنَّهَا لاَ تَحِلُّ لأَحَدٍ بَعْدِي، وإنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، وإنَّها سَاعَتِي هَذه حَرَامٌ، لَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا، وَلَا يُخْتَلَى شَوْكُهَا، وَلَا يُلْتَقَطُ سَاقِطَتُهَا إلَّا لِمُنْشِدٍ، وَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتيلٌ، فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ؛ إمَّا أَنْ يقتلَ، وإمَّا أَنْ يُفْدَى"، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ اليَمَنِ يقالُ لَهُ: أَبُو شَاهٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! اكتبوا لِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "اكْتبوا لأَبِي شَاهٍ"، ثُمَّ قَامَ العَباسُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! إلَّا الإذْخِرَ؛ فَإنا نَجْعَلُهُ في بيوتنَا وَقُبُورِنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إلَّا الإذْخِرَ"(١).
(١) رواه البخاري (٦٤٨٦)، كتاب: الديات، باب: من قتل له قتيل فهو بخير النظرين، ومسلم (١٣٥٥)، كتاب: الحج، باب: تحريم مكة.