للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والأوزاعي، والشافعي، وفقهاء المحدثين، ومن هؤلاء من يجيز تقديم زكاة عامين؛ أخذًا بهذا الحديث، ومنع ذلك مالكٌ والليثُ، وهو قول عائشة، وابن سيرين، وقالوا: لا يجوز تقديمها على وقت وجوبها؛ كالصلاة، وعن مالك خلاف فيما قرب، وكَأن هؤلاء لم يصحَّ عندهم الحديث، ولا ارتضوا ذلك التأويل، أو جعلوه خاصًّا بالعباس.

ومنها: جواز دفع الزكاة إلى صنف واحد، وهو قول مالك وجمهور العلماء، خلافًا للشافعي وغيره، والاستدلال على ذلك من هذا الحديث ضعيف جدًّا، وفي بعض هذه الاستدلالات المتفرعة نظر، والله أعلم.

* * *

[الحديث السادس]

عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ زَئْدِ بْنِ عَاصِمٍ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: لَمَّا أفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ حُنَيْنٍ، قَسَمَ فِي النَّاسِ، وَفي المُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ، وَلَمْ يُعْطِ الأَنْصَارَ شَيْئًا، فكَأَنَّهُمْ وَجَدُوا في أَنْفُسِهِمْ إذْ لَمْ يُصِبْهُمْ مَا أَصَابَ النَّاسَ، فَخَطَبَهُمْ فَقَالَ: "يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ! أَلَمْ أَجِدْكُمْ ضُلَّالًا فَهَدَاكُمُ اللهُ بِي؟ وَكُنْتُمْ مُتَفَرِّقِيْنَ، فَأَلَّفَكُمُ اللهُ بِي؟ وَعَالَةً، فَأَغْنَاكُمُ اللهُ بي؟ كُلَّمَا قَالَ شَيْئًا، قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَمَنّ، قَالَ: "مَا يَمْنَعُكُمْ أَنْ تُجِيبُوا رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؟، قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَمَنُّ، قَالَ: "لَوْ شِئتُمْ لَقُلْتُم: جِئْتَنَا كَذَا وكَذَا، أَلَا تَرْضَوْنَ أَنْ تَذْهَبَ النَّاسُ بِالشَّاةِ والبَعِيرِ، وَتَذْهَبُونَ بالنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى رِحَالِكُمْ؟ لَوْلَا الهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنَ الأَنْصَارِ، وَلَو سَلَكَ النَّاسُ وَادِي أَو شِعْبًا، لَسَلَكْتُ وَادِيَ الأَنْصَارِ وَشِعْبَهَا، الأَنْصَارُ شِعَارٌ، وَالنَّاسُ دِثَارٌ، إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أثَرَةً، فَاصبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الحَوْضِ" (١).

أما هذا الحديث: فلا مدخل له في باب الزكاة، إلا أن يقاس إعطاء المؤلفة


(١) رواه البخاري (٤٠٧٥)، كتاب: المغازي، باب: غزوة الطائف، ومسلم (١٠٦١)، كتاب: الزكاة، باب: إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام، وتصبر من قوي إيمانه.

<<  <  ج: ص:  >  >>