وأما عبد الله بن زيد بن عاصم المازني، فتقدم الكلام عليه.
وأما قوله:"لما أفاء الله"؛ أي: ردَّ ورجع، والفيء: الرجوع، ومنه سمي الظل بعد الزوال فيئًا؛ لأنه رجع من جانب المغرب إلى جانب المشرق، وكان الأموال التي بأيدي الكفار كانت بالأصالة للمؤمنين؛ إذ الإيمان هو الأصل، والكفر طارئ عليه، فغلب الكفار على تلك الأموال، فإذا غنم المسلمون منها شيئًا، رجعت إلى نوع من كان يملكها.
وأما حنين: فهو اسم وادٍ قريب من الطائف، بينه وبين مكة بضعة عشر ميلًا، وقال عروة: إلى جنب ذي المجاز، وقال ابن حبان: وهو واد أجوف (١)، وكانت غزوته بعد فتح مكة سنة ثمان من الهجرة، وكان فتح مكة في العشرين من شهر رمضان، وكانت حنين بعد فتح مكة، وإقامته فيها خمس عشرة ليلة تقصر الصلاة فيها في العشر الأول من شوال، والله أعلم.
وقوله:"قسم في الناس وفي المؤلفة"، المؤلفة: من التأليف تسميتهم، وهو جمع القلوب.
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ألم أجدكم ضُلَّالًا فهداكم الله بي؟ " الضَّلال المشار إليه هو ضلال الإشراك والكفر، والهداية للإيمان، ولا شك أن نعمة الإيمان أعظم النعم؛ حيث لا يوازيها شيء من أمر الدنيا، ثم أتبع ذلك بنعمة الألفة، وهي أعظم من نعمة المال؛ إذ الأموال تبذل في تحصيلها، وكانت الأنصار [في] غاية التباعد والتنافر، وجرت بينهم حروب، منها يوم بعاث -بالعين المهملة والمعجمة، وآخره ثاء مثلثة-: موضع من المدينة على ليلتين، ثم أتبع ذلك بنعمة الغنى والمال، وقد استعمل - صلى الله عليه وسلم - في ذلك جميعه ما يجب من الأدب مع القرآن العزيز وأتباعه في إضافة الهداية والألفة والإغناء إلى الله تعالى، فإن ذلك
(١) انظر: "الثقات" لابن حبان (٢/ ٦٩)، وأبو يعلى في "مسنده" (١٨٦٢).