المنذر عن عمر، وابن عمر، وزيد بن ثابت -رضي الله عنهم- وجوبه؛ حيث إنهم أمروها بالمقام لطواف الوداع.
وهذا الحديث مع حديث صفية حجَّة على ردِّ ذلك، وهو مقتضى التخفيف عنها، والله أعلم.
* * *
[الحديث العاشر]
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- قَالَ: استَأْذَنَ العَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَبِيتَ بِمَكَّةَ لَياِليَ مِنًى مِنْ أَجْلِ سِقَايَتِهِ، فَأَذِنَ لَهُ (١).
أما العبَّاسُ عَمُّ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فتقدم ذكره، وكانت السِّقاية له في الجاهلية، فأقره - صلى الله عليه وسلم -، وهي له ولعقبه إلى يوم القيامة.
والسقاية: إعداد الماء للشاربين بمكة، يذهب أهلها القائمون بها ليلًا ليستقوا الماء من زمزم، ويجعلوه في الحياض مسبلًا للشاربين وغيرهم.
وفي الحديث أحكام:
منها: استئذان الكبار والعلماء فيما يطرأ من المصالح والأحكام.
ومنها: أن المبيت ليالي منى نسك من مناسك الحج وواجباته؛ حيث أذن - صلى الله عليه وسلم - في ترك المبيت بمنى للعباس من أجل سقايته، فاقتضى ذلك الإذن لأجل هذه العلة المخصوصة، وأن الإذن لم يتعد إلى غيرها.
واختلف العلماء في مبيت ليالي منى، هل هو واجب أم سنَّة؟ وللشافعي قولان:
أحدهما: واجب، وبه قال مالك، وأحمد.
والثاني: سنَّة، وبه قال ابن عباس، والحسن، وأبو حنيفة.
(١) رواه البخاري (١٥٥٣)، كتاب: الحج، باب: سقاية الحاج، ومسلم (١٣١٥)، كتاب: الحج، باب: وجوب البيت بمنى ليالي أيام التشريق، والترخيص في تركه لأهل السقاية.