للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب الشروط في البيع]

[الحديث الأول]

عَن عَائشِةَ -رَضِيَ اللهُ عنهَا- قَالَت: جَاءَتنِي بَرِيرَةُ فَقَالَت: كَاتَبتُ أَهلِي عَلَى تِسعِ أَوَاقٍ، في كُلِّ عَامٍ أوقِيةٌ، فَأعِينِيني، فَقُلْتُ: إنْ أَحَبَّ أَهْلُكِ أَنْ أَعُدَّها لَهُمْ، وَيكونَ وَلاَؤكِ لي، فَعَلتُ، فَذَهَبَت بَرِيرَةُ إلَى أَهْلِها، فَقَالَتْ لَهُمْ، فَأَبوْا عَلَيْها، فَجَاءَت مِنْ عِنْدِهِم، وَرَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - جَالِسٌ، فَقَالَتْ: إنِّي عَرَضْتُ ذَلِكَ عَلَيهِم، فَأبوْا إلَّا أَنْ يكُونَ لَهمُ الوَلاَءُ، فَأخْبرَتْ عَائشِةَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: "خُذِيهَا، وَاشْتَرِطِي لَهُمُ الوَلاَءَ؛ فَإنَّما الوَلاَءُ لِمَنْ أَعتَقَ"، فَفَعَلَتْ عَائشِةُ، ثُمَّ قَامَ الَّنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في الناسِ، فَحَمِدَ اللهَ وأثنَى عَلَيه، ثُم قَالَ: "أَمَّا بَعْدُ: مَا بَالُ رِجالٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيسَت في كِتَابِ اللهِ؟! مَا كَانَ مِنْ شَرطٍ لَيس في كِتَاب اللهِ -عَز وَجَل-، فَهُوَ بَاطِلٌ، وإن كَانَ مِئة شَرْطٍ، قَضَاءُ اللهِ أَحَقُّ، وَشَرْطُ اللهِ أوْثَقُ، وإنما الوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ" (١).

اعلم أن حديث بريرة هذا حديث كثير الفوائد، قد كثر الناس من الكلام عليه، وذكروا فيه إشكالات على مواضع منه يقتضي ظاهرُها -على مقتضى القواعد ومفاهيمهم- المخالفةَ له، وأجاب العلماء عنها، وبينوها أحسنَ بيان،


(١) رواه البخاري (٢٠٦٠)، كتاب: البيوع، باب: إذا اشترط شروطًا في البيع لا تحل، ومسلم (١٥٠٤)، كتاب: العتق، باب: إنما الولاه لمن أعتق.

<<  <  ج: ص:  >  >>