طاوس، والحسن البصري: لا يجوز بكل حال، سواء كراها بطعام أو ذهب أو فضة، أو بجزء من زرعها؛ لإطلاق النهي عن كراء الأرض، إلا أن يمنحها أخاه، واعتمد الشافعي ومن وافقه صريحَ رواية رافع بن خديج، وثابت بن الضحاك، وسيأتي في جواز الإجارة بالذهب والفضة ونحوهما، وتأولوا حديث النهي تأويلين:
أحدهما: حمله على الإجارة بها على الماذيانات والجداول، أو على الإجارة بزرع قطعة معينة، أو بالثلث والربع ونحو ذلك كما فسره الرواة في الأحاديث.
والثاني: حمله على كراهة التنزيه والإرشاد إلى عمارتها؛ كالنهي عن بيع الهر، فإنه محمول على التنزيه؛ حيث إن العادة أن الناس يتواهبونه، والله أعلم، وهذان لا بد منهما؛ جمعًا بين الأحاديث؛ فإنه أولى من إلغاء بعضها، وليس ثم دليل على نسخ بعضها، فتعين المصير إلى التأويل، لكن التأويل الثاني نقل معناه عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، وأشار إليه البخاري وغيره، والله أعلم.
وفي الحديث دليل: على منع المخابرة والمحاقلة والمزابنة.
وعلى منع بيع الثمرة قبل بُدوِّ صلاحِها.
وعلى منع بيعها بجنسها يابسًا، إلا في الرطب والعنب.
وعلى جواز بيعها بعد بُدوِّ صلاحِها بالذهب والفضة مطلقًا، والله أعلم.
* * *
[الحديث التاسع]
عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: أَن رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ ثَمَنِ الكَلْبِ، وَعَنْ مَهْرِ البَغيِّ، وحُلْوَانِ الكَاهِنِ (١).
تقدم الكلام على أبي مسعود واسمه ونسبته ونسبه وما يتعلق به.