للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختلف العلماء في جواز فعلها في أيام التشريق لمن تعجل في يومين: فحرمه مالك وطائفة، وجوزه الشافعي وطائفة مع الكراهة، إما للخروج من اختلاف العلماء، وإما لخصوصية وجود أيام التشريق، وجواز الذبح والتضحية فيها، والله أعلم.

* * *

[الحديث الثاني]

عَنْ جَابِرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَدِمْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَنَحْنُ نَقُولُ: لَبَّيْكَ بِالحَجِّ، فَأَمَرَنا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَجَعَلْنَاهَا عُمْرَةً (١).

إنما أمرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بجعل ما أحرموا به من الحجِّ عمرة؛ لمخالفة الجاهلية فيما قرروه في النفوس من أنَّ العُمرة في أشهر الحجِّ من أفجر الفجور، فأراد النبي - صلى الله عليه وسلم - بمخالفتهم، وتقرير جوازها في أشهر الحجِّ، وكونه يفسخ الحج إليها أبلغ في تقرير جوازها في أشهر الحجِّ.

وقولُ جابر: "وَنَحْنُ نَقُولُ: لَبَّيْكَ بِالحَجِّ"، ليس المراد به كل أصحابه -رضي الله عنهم-، بل المراد بعضهم، كما ورد في حديث آخر عن جابر: "فمنَّا من أهلَّ بحجة، ومنَّا من أهلَّ بعمرة" (٢).

وفي الحديث استحباب ذكر ما أحرم به من حج أو غيره في التلبية.

وفيه دليل على جواز فسخ الحج إلى العمرة.

وفيه دليل على جواز فعل العمرة في أشهر الحج.

وفيه دليل على وجوب الرجوع في بيان الأحكام إطلاقًا وتقييدًا وعزيمة ورخصة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -.


(١) رواه البخاري (١٤٩٥)، كتاب: الحج، باب: من لبّى بالحج وسمّاه، ومسلم (١٢١٦)، كتاب: الحج، باب: في المتعة بالحج والعمرة.
(٢) رواه البخاري (١٤٨٧)، كتاب: الحج، باب: التمتع والإقران والإفراد بالحج، ومسلم (١٢١١)، كتاب: الحج، باب: بيان وجوه الإحرام، لكن عن عائشة - رضي الله عنها -.

<<  <  ج: ص:  >  >>