للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي الحديث دليلٌ على استحباب دخول مكَّة من الثَّنيَّة العليا، سواء كان طريق الدَّاخل إلى مكَّة من وطنه إليها، أم لا، كالشَّاميِّ والمدني واليمنيِّ والعراقي، فيستحب لكلِّ واحدٍ قصدها لدخول مكَّة منها.

وقال بعض أصحاب الشَّافعيِّ: لا يستحبُّ الدُّخول منها إلَّا لمن كانت على طريقه؛ كأهل المدينة، وغيرهم؛ لأنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - إنَّما دخل منها لأنَّها على طريقه، وهذا ضعيفٌ؛ لأن الطريق إلى مكَّة من غير هذه الثَّنيَّة لأهل المدينة ونحوهم أقصدُ وأوسعُ، فدلَّ على أنَّ الدُّخول منها مقصود بالنُّسك والعبادة لكلِّ أهل ناحيةٍ، وإن كان فيه مشقَّة، والله أعلم.

وفيه دليل: على استحباب الخروج من مكة من الثنيَّة السفلى إلى بلده، وكذا يستحب للخارج من بلده والدَّاخل إليه أن يخرج من طريقٍ، ويرجع من آخر.

وفيه: اقتفاء آثار رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، خصوصًا في مناسك الحجِّ؛ فإنه - صلى الله عليه وسلم - أمر بذلك، فقال: "خذوا عنِّي مناسككم" (١)، والله أعلم.

* * *

الحديث الثَّالث

عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُما- قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - البَيْتَ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، وَبِلاَلٌ، وعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ، فَأَغْلَقُوا عَلَيْهِمُ البَابَ، فَلَمَّا فَتَحُوا، كُنْتُ أَوَّلَ مَنْ وَلَجَ، فَلَقِيتُ بِلاَلًا، فَسَأَلْتُهُ: هَلْ صَلَّى فِيهِ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؟ فَقَالَ: نَعَمْ، بَيْنَ العَمُودَيْنِ اليَمَانِيَيْنِ (٢).

أمَّا ابن عمر وبلال، فتقدَّم ذكرهما.

وأمَّا أسامة بن زيدٍ، فهو الحِبُّ بن الحِبِّ، كنيته: أبو محمَّد، وقيل: أبو


(١) رواه مسلم (١٢٩٧)، كتاب: الحج، باب: استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكبًا، عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه -.
(٢) رواه البخارى (١٥٢١)، كتاب: الحج، باب: إغلاق البيت، ومسلم (١٣٢٩)، كتاب: الحج، باب؛ استحباب دخول الكعبة للحاج وغيره، والصلاة فيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>