ثم الغرة تكون لورثة الجنين على مواريثهم الشرعية، وهذا شخص يورث ولا يرث، ولا يعرف له نظير إلا مَنْ بعضُه حر وبعضه رقيق؛ فإنه لا يرث عند الشافعية.
وهل يورث؟ فيه قولان للشافعي: أصحهما: يورث، وهو مذهب جماهير العلماء.
وحكى القاضي عياض عن بعض العلماء: أن الجنين كعضو من أعضاء الأم، فتكون ديته لها خاصة، فلو انفصل الجنين حيًّا ثم مات، وجب فيه كمال الدية، فإن كان ذكرًا، وجب فيه مئة بعير، وإن كان أنثى، فخمسون، وهذا مجمع عليه، وسواء في هذا الخطأ والعمد.
ومتى وجبت الغرة، فهي على العاقلة، لا على الجاني، وهذا مذهب الشافعي، وأبي حنيفة، وسائر الكوفيين، وقال مالك والبصريون: تجب على الجاني، قال الشافعي وآخرون: يلزم الجاني الكفارة، وقال بعضهم: لا كفارة عليه، وهو مذهب مالك وأبي حنيفة، والله أعلم.
* * *
[الحديث السابع]
عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: اقْتَتَلَتِ امرَأتانِ من هُذَيْلِ، فَرَمَتْ إحْدَاهُمَا الأُخرَى بِحَجَرٍ، فَقَتَلَتهَا وَمَا في بَطْنِهَا، فَاخْتَصَمُوا إلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَضَى رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَن دِيةَ جَنِينِهَا: غرَّةٌ: عَبْدٌ أَوْ وَلِيدةٌ، وَقَضَى بِدِيَةِ المَرأَةِ عَلَى عَاقِلَتِهَا، وَوَرَّثَها وَلدَهَا وَمَنْ مَعَهُمْ، فَقَامَ حَمَلُ بنُ النَّابِغَةِ الهُذَلِيُّ فَقَال: يَا رَسُولَ اللهِ! كيفَ أَغْرَمُ مَنْ لَا أَكَلَ وَلَا شَرِبَ، وَلَا نَطَقَ وَلَا اسْتَهَل، فَمِثْلُ ذَلِكَ يُطَلُّ؟! فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّما هُوَ مِنْ إخْوَانِ الكُفانِ"؛ مِنْ أَجلِ سَجعِهِ الذِي سَجَعَ (١).
(١) رواه البخاري (٥٤٢٦)، كتاب: الطب، باب: الكهانة، ومسلم (١٦٨١)، كتاب: القسامة، باب: دية الجنين، وهذا لفظ مسلم.