للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي الحديث أحكام:

منها: استشارة الإِمام في الأحكام إذا لم تكن معلومة له.

ومنها: أن العلم الخاص معفو عنه عن الأئمة والكبار تعلمه، فيتعلمونه ممن دونهم؛ فالحكمة ضالة المؤمن حيث وجدها التقطها.

ومنها: الرد على من يغلو من المقلدين في أنه إذا استدل عليه بحديث، فيقول: لو كان صحيحًا، لعلمه فلان مثلًا؛ فإن ذلك إذا خفي على أكابر الصحابة، وجاز عليهم، فهو على غيرهم أجوز.

ومنها: ما تمسك به بعض من اعتبر العدد في الرواية, وهو مذهب غير صحيح؛ فإنه قد ثبت قبول خبر الواحد العدل، وهو قاطع بعدم اعتبار العدد فيها. وأما طلب العدد في حديث جزئي لا يدل على اعتباره أمر كلي، فلا مانع منه؛ لجواز أن يحال المانع في العام على مانع خاص بتلك الصورة، فيقع الشك فيها، فيحتاج إلى الاستظهار بزيادة العدد فيها، خصوصًا إذا قامت قرينة ظاهرة؛ مثل: عدم علم عمر - رضي الله عنه - بهذا الحكم.

ومنها: أن دية الجنين غرة عبد أو أمة، وهو إذا ألقته ميتًا بسبب الجناية، وهذا الحديث أصل في إثباتها، واعتبر الفقهاء أن تكون قيمتها عُشْر دية الحرّ، أو نصف عشر دية الأب، ولا يشترط فيها أن تكون بيضاء ولا سوداء، بل أيهما دفع أجزأ، ولا يجزئ غيرهما من الحيوانات.

وحكي عن طاوس وعطاء ومجاهد: أنها تكون فرسًا، وقال داود: كل ما وقع عليه اسم الغرة يجزئ، وهذا المذهبان مخالفان لصريح الحديث في العبد والأمة.

واتفق العلماء على أن دية الجنين هي الغرة، سواء كان الجنين ذكرًا أو أنثى، والحكمة في ذلك أنه قد يخفى، فيكثر النزاع فيه، فيضبطه - صلى الله عليه وسلم - بضابط يقطع النزاع.

ثم لا فرق بين أن يكون الجنين كامل الأعضاء أم ناقصها، أو كان مضغة تصور فيها خلق آدمي، ففي كل ذلك الغرةُ بالإجماع.

<<  <  ج: ص:  >  >>