وجاء في رواية في غير الصحيح:"بغرةِ عبدٍ أو أمةٍ، أو فرسٍ أو بغلٍ"(١) وهي رواية باطلة قد أحدثها بعض السلف، وسيأتي ذكرهم في الأحكام.
وللفقهاء تصرف في سن العبد بالتقييد، وليس ذلك من مقتضى الحديث، والله أعلم.
وقول عمر - رضي الله عنه - للمغيرة:"لتأتينَّ بمن يشهدُ معكَ"؛ وهذا كان في أول الأمر يفعله عمر - رضي الله عنه - للاحتياط في ضبط الشريعة؛ لئلا يتساهل في رواية الأحاديث، ويدخل في الشريعة ما ليس منها، خصوصًا في الأمور الجزئية؛ مثل هذا الحكم، فكيف بالأمر الكلي؟ وإلا فخبر الواحد مقبول معمول به عند الصحابة والتابعين وهلم جرًّا، خصوصًا عند استقرار القواعد ومعرفة الأحكام، وتقرير الأدلة.
ولا شك أنه لما مات النبي - صلى الله عليه وسلم -، واستُخلف أبو بكر، وارتد من ارتد، وتفرقت الصحابة -رضي الله عنهم- في البلاد، واشتغلوا بالغزو وفتح البلاد، وكان عمر - رضي الله عنه - حزورًا خشي من التبديل في الشرع والتحريف؛ فشدد في ذلك؛ لينضبط الناس في البلاغ والتكلم في العلم إلا ببينة وتثبت؛ خوفًا من أن يدخل في الشرع ما ليس فيه، والله أعلم.
وقد فعل ذلك عمر مع أبي موسى - رضي الله عنهما - في حديث الاستئذان، وصرح عمر - رضي الله عنه - فيه: بأنه أراد الاستثبات لأمر أوجبه من استبعاد عدم العلم به، أو شكه فيه؛ أو لزيادة الاستظهار، أو للتثبت في الأشياء، واتخاذ ذلك عادة، ونحو ذلك، والله أعلم.
(١) رواه أبو داود (٤٥٧٩)، كتاب: الديات، باب: دية الجنين، وابن حبان في "صحيحه" (٦٠٢٢)، والطبراني في "المعجم الأوسط" (٨١٠١)، والدارقطني في "سننه" (٣/ ١١٤)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٨/ ١١٥)، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، قال أبو داود: روى هذا الحديث حماد بن سلمة، وخالد بن عبد الله عن محمَّد بن عمرو, لم يذكرا: "أو فرس أو بغل". وزاد البيهقي فقال: ولم يذكره أيضًا الزهري عن أبي سلمة وسعيد بن المسيب.