للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأصح عند الشافعية: قتلُهم؛ لما رواه أبو داود وغيره: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "اقتلوا شيوخَ المشركينَ واسَتْبقُوا شَرْخَهُمْ" (١).

وقال مالك وأبو حنيفة: لا يقتلون، والله أعلم.

* * *

[الحديث الثاني عشر]

عَنْ أَنَس بْنِ مَالِكٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: أَن عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، وَالزُّبَيْرَ بْنَ العَوَّامِ، شَكَيَا القَمْلَ إلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في غزَاةٍ لَهُمَا، فَرَخَّصَ لَهُمَا فِي قُمُصِ الحَرِيرِ، وَرَأَيْتُهُ عَلَيْهِمَا (٢).

أعلم أن الرخصة في الشيء تدل على المنع منه، ولا شك أن الأصل في الشرع تحريمُ الحرير على الرجال؛ كما تقدم في كتاب اللباس، وثبتت الرخصة في إصبعين منه وثلاث وأربع. وجوز العلماء لبس الديباج الثخين الذي لا يقوم غيره مقامه في دفع السلاح.

وهذا الحديث يدل على الرخصة فيه؛ لدفع القمل، وثبتت الرخصة فيه أيضًا لابن عوف، والزبير؛ للحكة -بكسر الحاء المهملة وتشديد الكاف-؛ وهي: الجرب أو نحوه. وكذلك يجوز لبسه لمن خاف من حر أو برد، ولم يجد غيره، وكذلك يجوز لمن فاجأته الحرب ولم يجد غيره.

أما لبسه للقمل والحكة؛ فقد ثبت في الأحاديث الصحيحة، وبه قال الشافعي وموافقوه.


(١) رواه أبو داود (٢٦٧٠)، كتاب: الجهاد، باب: في قتل النساء، والترمذي (١٥٨٣)، كتاب: السير، باب: ما جاء في النزول على الحكم، وقال: حسن صحيح، والإمام أحمد في "المسند" (٥/ ١٢)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٩/ ٩٢)، عن سمرة بن جندب - رضي الله عنه -.
(٢) رواه البخاري (٢٧٦٣)، كتاب: الجهاد والسير، باب: الحرير في الحرب، ومسلم (٢٠٧٦)، كتاب: اللباس والزينة، باب: إباحة لبس الحرير للرجل إذا كان به حكة أو نحوها.

<<  <  ج: ص:  >  >>