للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المصلِّين من الملائكة أو الجن من المؤمنين؟ فيه كلامان: فمن علَّل باحترام القبلة، فلا فرقَ، ومن علَّل برؤية المصلِّين من الملائكة، اعتبر الحائل في الصَّحراء والبنيان -والله أعلم-.

وحيث جَوَّزنا الاستقبال والاستدبار، هل نقول: إنَّه مكروهٌ؟ أو نقول: إن كان عليه مشقَّةٌ في تكلُّف التحرف، فلا كراهة، وإن لم تكن مشقَّةٌ، فالأَوْلى تجنُّبه؛ للخروج من خلاف العلماء، ولا يطلق عليه الكراهة.

أطلقَ الأوَّلَ: جماعةٌ من أصحاب الشّافعي، ولم يذكره الجمهور، واختار شيخُنا العلامة أبو زكريَّا النواوي - رحمه الله - الثَّاني -والله أعلم-.

وأما الجِماعُ مستقبلَ القبلةِ في الصحراء والبنيانِ، فجوَّزه الشّافعيّ، وأبو حنيفةَ، وأحمد، وداود، واختلفَ فيه أصحاب مالك، فجوزه ابنُ القاسم، ومنعه ابنُ حبيب، والصوابُ الجواز؛ فإن التَّحريمَ إنَّما يثبتُ بالشَّرع، ولم يردْ فيه نهيٌ، وإذا تجنبَ استقبالَ القبلةِ واستدبارَها بالبولِ والغائط حالَ خروجهما، جازَ له ذلك حالَ الاستنجاء، وأما بيتُ المقدس، فيكره استقبالُه واستدبارُه بالبول والغائط، ولا يحرُم -والله أعلم-.

* * *

الحديث الرَّابع

عن أنسِ بنِ مالكٍ - رضي الله عنه - قال: كانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَدْخُلُ الخَلاءَ، فأحملُ أنا وغُلامٌ نَحْوِي إِدَاوَةً مِنْ مَاءٍ وعَنَزَةً، فَيَسْتنجِي بِالماءِ (١).

العَنَزَةَ: الحَرْبةُ.

أمَّا أنسٌ، فتقدم الكلامُ عليه.

وأما الخلاءُ -بفتح الخاء والمدُّ- فهو: الخالي المتَّخَذُ لقضاءِ الحاجة، سواءٌ


(١) رواه البخاري (١٥١)، كتاب: الوضوء، باب: حمل العنزة مع الماء في الاستنجاء، ومسلم (٢٧١)، كتاب: الطهارة، باب: الاستنجاء بالماء من التبرز. =

<<  <  ج: ص:  >  >>