للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الحديث الرابع]

عَنْ عَائشِةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا-: أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كُفِّنَ فِي ثَلاَثَةِ أَثْوَابٍ يَمَانِيَةٍ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ (١).

أما قولها: "يمانية"، فهو بتخفيف الياء، على اللغة الفصيحة المشهورة، وحكى سيبويه والجوهري وغيرهما لغة في تشديدها، ووجه الأول: أن الألف بدل من ياء النسب، فلا يجتمعان، بل يقال: يمنية أو يمانية بالتخفيف، وكانت الأثواب من قطن (٢).

وقولها: "ليس فيها قميص ولا عمامة" معناه لم يكفن في قميص ولا عمامة، وإنما كفن في ثلاثة أثواب غيرهما، ولم يكن مع الثلاثة شيء آخر، هكذا فسره الشافعي وجمهور العلماء، وهو مقتضى ظاهر الحديث، حتى قالوا: ولا يستحب أن يكون في الكفن قميص وعمامة، وقال مالك وأبو حنيفة: يستحب قميص وعمامة، وتأولوا الحديث على أن معناه ليس القميص والعمامة من جملة الثلاثة، وإنما هما زائدان عليها، وهو ضعيف؛ لعدم ثبوته في الحديث، بل يتضمن أن القميص الذي غسل فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - نزع عنه عند تكفينه، ولا يتجه غير ذلك؛ لأنه لو كفن فيه مع رطوبته، لأفسد الأكفان.

وأما الحديث الذي رواه أبو داود في "سننه" من رواية ابن عباس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كُفِّن في ثلاثة أثواب: الحلة ثوبان، وقميصه الذي توفي فيه (٣)، فهو حديث ضعيف لا يصح الاحتجاج به؛ لأن يزيد بن أبي زياد أحدَ رواته مجمَعٌ على ضعفه، لا سيما وقد خالف رواية الثقات.


(١) رواه البخاري (١٢٠٥)، كتاب: الجنائز، باب: الثياب البيض للكفن، ومسلم (٩٤١)، كتاب: الجنائز، باب: في كفن الميت.
(٢) انظر: "مشارق الأنوار" للقاضي عياض (٢/ ٣٠٤).
(٣) رواه أبو داود (٣١٥٣)، كتاب: الجنائز، باب: في الكفن، والإمام أحمد في "المسند" (١/ ٢٢٢)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٣/ ٣٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>