للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستفراغُ الوُسْع بعمارة أحوال تلك الصلاة في الاستشفاع للميت.

وذهب الشافعي، وأحمد، وإسحاق، ومحمد بن مسلمة، وأشهب من أصحاب مالك، وداود إلى أنه يقرأ فيها بالفاتحة؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب" (١)؛ حملًا على عمومه، وقد خرج ابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما" في هذا الحديث: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تجزئ صلاة لا يُقرأ فيها بأمِّ القرآن" (٢)، وقد خرج البخاري في "صحيحه" عن ابن عباس - رضي الله عنهما -: أنه صلى على جنازة، فقرأ بفاتحة الكتاب، وقال: ليعلموا أنها سنة (٣)، وخرج النسائي من حديث أبي أمامة - رضي الله عنه - قال: السنة في الصلاة على الجنازة أن يقرأ في الأولى بأم القرآن مخافتةً، ثم يكبر ثلاثًا، والتسليم عند الآخرة (٤)، وذكر الإمام محمد بن نصر المروزي عن أبي أمامة -أيضًا- قال: السنة في الصلاة على الجنائز أن يكبر، ثم يقرأ بأم القرآن، ثم يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم يخلص الدعاء للميت، ولا يقرأ إلا في التكبيرة الأولى، ثم يسلم (٥). هذان الحديثان صحيحان، وهما ملحقان عند الأصوليين بالمسند، والعمل على حديث أبي أمامة أولى؛ إذ فيه جمع بين عموم قوله: لا صلاة، وبين إخلاص الدعاء للميت، وقراءة الفاتحة فيها لم هي استفتاح الدعاء، ففي حديث أبي أمامة وجوب الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها، وبه قال الشافعي -رحمه الله تعالى-، والله أعلم.

* * *


(١) تقدم تخريجه.
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) رواه البخاري (١٢٧٠)، كتاب: الجنائز، باب: قراءة فاتحة الكتاب على الجنازة.
(٤) رواه النسائي (١٩٨٩)، كتاب: الجنائز، باب: الدعاء، والإمام الشافعي في "مسنده" (ص: ٣٥٩)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (١/ ٥٠٠)، والطبراني في "مسند الشاميين" (٣٠٠٠)، وابن الجارود في "المنتقى" (٥٤٠)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٤/ ٣٩).
(٥) انظر: تخريج الحديث المتقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>