للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الحديث الثالث]

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: أَن نَبِي اللهِ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى رَجُلًا يَسوقُ بَدَنَةً، فَقَالَ: "اِرْكَبْهَا"، قَالَ: إنَّهَا بَدَنة! قَالَ: "اِرْكَبْهَا"، فَرَأَيْتُهُ رَاكِبَهَا يُسَايِرُ النبِي - صلى الله عليه وسلم -. وفي لفظٍ: قَالَ في الثانِيةِ أو في الثالِثَةِ: "اِرْكَبْهَا، وَيْلَكَ، أَوْ: وَيْحَكَ! " (١).

أما الرجل المبهم: فلا أعلمه مسمًّى.

وأَما البَدَنَةُ: فهي هنا من الإبل، وتستعمل في البقر والغنم لغةً، وتطلق على الذكر والأنثى، وجمعها: بُدْنٌ، بإسكان الدال وضمها، وبالإسكان جاء القرآن، وسُمّيت بدنةَ؛ لعظمها وسمنها؛ لأنهم كانوا يسمنونها للإهداء (٢).

وقوله: "وَيْلَكَ! ": قال الجوهري (٣): الوَيْلُ: كلمةُ عذاب، وهو منصوب بفعل مضمر، وكذلك: ويحك، وتستعمل ويلك في المخاطبة للتغليظ على المخاطب، واستحقَّ المخاطبةَ به لتأخرِه عن امتثال الأمر حتى روجع مرةً أو مرتين، وقد يخاطب بها من غير قصد إلى معناها وموضعها على عادة العرب في ذلك؛ كقولهم: ويحه، وويله، وقد ورد نحو هذا في الحديث، في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "تَرِبَتْ يَدَاكَ" (٤)، وأفلح وأبيهِ (٥).

وقولُه: " أَوْ: ويحكَ": هو شكٌّ من الراوي، هل قال: ويلك، أو: ويحك، قال الحسن البصري - رحمه الله -: ويح كلمة رحمة (٦)، وقال أبو الفرج بن


(١) رواه البخاري (١٦٠٤)، كتاب: الحج، باب: ركوب البدن، ومسلم (١٣٢٢)، كتاب: الحج، باب: جواز ركوب البدنة المهداة لمن احتاج إليها.
(٢) انظر: "الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي" للأزهري (ص: ١٨٥)، و"العين" للخليل (٨/ ٥١)، و"تحرير ألفاظ التنبيه" للنووي (ص: ١٤٤).
(٣) نظر: "الصحاح" للجوهري (٥/ ١٨٤٦)، (مادة: ويل).
(٤) رواه البخاري (٤٨٠٢)، كتاب: النكاح، باب: الأكفاء في الدين، ومسلم (١٤٦٦)، كتاب: الرضاع، باب: استحباب نكاح ذات الدين، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٥) تقدم تخريجه في حديث طلحة بن عبيد الله - رضي الله عنه - في قصة الأعرابي الذي سأل عن الإسلام وما يجب عليه.
(٦) رواه ابن حبان في "الثقات" (٩/ ١٩٧)، وابن عبد البر في "التمهيد" (٢/ ١٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>