للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الحديث الثاني عشر]

عَنِ ابْن عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُما- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لَوْ أَن أَحَدَكُمْ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَهُ، قَالَ: بِاسْمِ اللهِ، اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ، وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتنَا، فَإِنَّهُ إنْ يُقَدَّرْ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ في ذَلِكَ، لَمْ يَضُرَّهُ الشَّيْطَانُ أَبَدًا" (١).

أَمَّا قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لَمْ يَضُرَّهُ الشَّيْطَانُ أَبَدًا"؛ فقال القاضي عياض - رحمه الله تعالى -: لم يحمل أخذ الحديث في نفي ضرره على العموم في نفي جميعه، من الوسوسة والإغراء (٢)، قال: وقيل المراد: بـ "لَمْ يَضرَّهُ الشَّيْطَانُ": أنه لا يصرعه، وقيل: لا يطعن فيه عند ولادته، بخلاف غيره. هذا معنى كلامه.

فالحديث يحتمل أن يؤخذ عامًّا يدخل تحته الضرر الديني، ويحتمل أن يؤخذ خاصًّا بالنسبة إلى الضرر البدني، بمعنى: أن الشيطان لا يتخبطه، ولا يداخله فيما يضرُّ عقلَه أو بدنَه، هذا أقرب، وإن كان التخصيص على خلاف الأصل؛ لأنَّا إذا حملناه على العموم، اقتضى ذلك أن يكون الولد معصومًا من المعاصي كلها، وقد لا يتفق ذلك، ويعز وجوده، ولا بد من وقوع ما أخبر عنه - صلى الله عليه وسلم -.

أَمَّا إذا حملناه على الضَّرَر في العقل أو البدن، فلا يمنع ذلك، ولا يدلُّ دليل على وجود خلافه، والله أعلم.

وفي الحديث دليل: على استحباب التسمية والدعاء المذكور في ابتداء الجماع.

وفيه: الاعتصام بذكر الله تعالى ودعائه من الشيطان.

وفيه: الحثُّ على المحافظة على تسميته ودعائه في حال لم يَنْهَ الشرع عنه،


(١) رواه البخاري (٦٠٢٥)، كتاب: الدعوات، باب: ما يقول إذا أتى أهله، ومسلم (١٤٣٤)، كتاب: النكاح، باب: ما يستحب أن يقوله عند الجماع.
(٢) انظر: "عمدة القاري" للعيني (٢/ ٢٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>