قلت: كلام الزملكاني -إن صحَّ النقل عنه- فيه نظر وتعقب، فإما أن يكون خرج مخرج كلام الأقران في بعضهم، وهذه مسألة مشتهرة بين العلماء، أو يكون له نظرة ورأي في علم ابن العطار، ولكلٍّ وجهة هو موليها.
لكن ممَّا يطمئننا إلى رسوخ قدم ابن العطار في العلم ما ذكره في كتابه "تحفة الطالبين" في ترجمة شيخه النووي، قال: وأذن لي -أي: شيخه النووي رضي الله عنه-، في إصلاح ما يقع في تصانيفه، فأصلحت في حضرته أشياء، فكتبه بخطه، وأقرني عليه، ودفع إليَّ دُرْجًا فيه عدة الكتب التي كان يكتب فيها، ويضيف بخطه، وقال لي: إذا انتقلتُ إلى الله تعالى، فأتمَّ "شرح المهذب" من هذه الكتب، فلم يُقَدَّرْ لي ذلك.
فهذا الإمام النووي - رحمه الله - لو لم يعلم من تلميذه القدرة والكفاءة في العلم، لما أذن له في إصلاح الغلط، وإتمام "شرح المهذب". والله أعلم بالصواب.
* شيوخه:
١ - الشَّيخ الإمام يَحْيَى بن زكريا النووي:
وقد لازمه كثيرًا، وهو أشهر أصحابه، وأخصُّهم به، فكانت صحبته له دون غيره من أول سنة سبعين وست مئة وقبلها بيسير إلى حين وفاته، وقرأ عليه الفقه والحديث، وكتب من مصنفاته كثيرًا، وبيض منها، حتَّى كان يقال له:"مختصر النووي"، أو "المختصر".
وقد ذكر ابن العطار بعضًا من ملازمته للشيخ، فقال: وكان - رحمه الله - رفيقًا بي، شفيقًا عليّ، لا يمكِّن أحدًا من خدمته غيري، على جهد مني في طلب ذلك منه، مع مراقبة لي - رضي الله عنه - في حركاتي وسكناتي، ولطفه بي في جميع ذلك، وتواضعه معي في جميع الحالات، وتأديبه لي في كل شيء، حتَّى الخطوات، وأعجز عن حصر ذلك، وقرأت عليه كثيرًا من تصانيفه ضبطًا وإتقانًا، وأمرني ببيع كراريس نحو ألف كراس بخطه، وأمرني بأن أقف على