للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغير ذلك من الآيات التي قيد فيها بالغالب، وليس لها مفهوم يعمل به، والله أعلم.

* * *

[الحديث الرابع]

عَنْ عَائشِةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا-: أنها قَالتْ: كانَتْ في بَريَرةَ ثَلاثُ سُنَنٍ: خُيِّرَتْ على زَوْجِها حِينَ عَتَقَتْ، وأُهْدِيَ لَهَا لَحْمٌ، فَدَخَلَ عَليَّ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى الله عليه وسلم - والبُرْمَةُ عَلَى النَّارِ، فدعا بطعامٍ، فَأُتِيَ بخبزٍ وأُدْمِ مِنْ أُدْمِ البيتِ، فقال: "أَلَمْ أَرَ البُرْمَةَ عَلَى النَّارِ فِيها لَحْمٌ"، فَقَالوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، ذَلِكَ لَحْمٌ تُصُدِّقَ بهِ عَلَى بَرِيرَةَ، فكَرِهْنَا أَنْ نُطْعِمَكَ مِنْهُ، فَقَالَ: "هُوَ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ، وَهُوَ مِنْهَا لَنَا هَدِيَّةٌ"، وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى الله عليه وسلم - فيها: "إنَّما الوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ" (١).

تقدم الكلام على بريرةَ وحديثِها، والكلامُ عليه وعلي أحكامه في أول حديث في باب الشرط في البيع.

وكذلك تقدم الكلام على قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّما الولاء لمن أعتق".

وفي هذا الحديث دليل: على أن من عَتَقَت تحت عبد: أنه يثبت لها الخيار.

وفيه دليل: على أن الفقير إذا ملك شيئًا على وجه الصدقة، فأهداه إلى غيره ممَّن لا تحلُّ له الصدقة، جاز له أخذه وأكله، سواء كان الذي لا تحل له الصدقة فقيرًا إلى الهدية، أو غنيًّا عنها؛ لأنَّ النَّبيَّ - صَلَّى الله عليه وسلم - خبر بأنَّ اللحم المتصدَّقَ به على بريرة بأنه صدقة عليها، وله ولأهل بيته هدية منها، مع كونه - صلى الله عليه وسلم - أتي من البيت بخبز وأُدم، فكان غنيًّا بذلك عن اللحم، ووصفه حينئذ بالهدية، فدلَّ على جواز قبوله، مع الغني عنه.

وفيه دليل: على أن الشيء المحرم لو وصف، يزول تحريمه بزوال وصفه،


(١) رواه البُخاريّ (٤٨٠٩)، كتاب: النكاح، باب: الحرة تحت العبد، ومسلم (١٥٠٤)، كتاب: العتق، باب: إنَّما الولاء لمن أعتق، وهذا لفظ سلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>