ويرمل؛ لأنَّ فضيلة الرَّمل هيئة للعبادة في نفسها، والقرب من الكعبة هيئة في موضع العبادة لا في نفسها، فكان تقدم ما تعلق بنفسها أولى.
واتَّفق العلماء على أنَّ الرَّمل لا يشرع للنِّساء، كما لا يشرع لهن شدَّة السَّعي بين الصَّفا والمروة، والله أعلم.
ومنها: أنَّ الرَّمل لا يشرع بين الرُّكن اليماني والأسود، وإنما يشرع المشي، وقد بينا أنَّ ذلك منسوخ، واستقرار استحبابه حول البيت والحجر.
ومنها: إظهار قوة الدِّين والإسلام بحضرة أعدائه، وإن كان الضَّعف حاصلًا.
ومنها: أن ما شُرع لمعنى يستحب المداومةُ على فعله؛ تذكُّرًا لنِعم الله تعالى وتأسيًا.
ومنها: جواز تسمية الطِّواف: شوطًا، ونقل عن مجاهدٍ والشافعي كراهته، وكراهة تسميته: دورًا، وإنَّما سمّي طوفةً، والصَّحيح أنه لا كراهة فيه؛ لظاهر هذا الحديث.
ومنها: رفق الإمام بالناس فيما يأمرهم به من الطَّاعات للمصالح العامَّات، وألَّا يتجاوز بما يأمرهم به من ذلك إلى حدِّ المشقَّة عليهم.
ومنها: كراهة تسمية المدينة: يثرب، على ما بيَّنَّاه، وكذلك حكم التَّشبُّه بالمشركين في تسمياتهم وعباراتهم، وغير ذلك، والله أعلم.
* * *
[الحديث السادس]
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ يقدَمُ مَكَّةَ، إذَا اسْتَلَمَ الرُّكْنَ الأَسْوَدَ، أَوَّلَ مَا يَطُوفُ يَخُبُّ ثَلاَثَة أَشْوَاطٍ (١).
(١) رواه البخاري (١٥٢٦)، كتاب: الحج، باب: استلام الحجر الأسود حين يقدم مكة أول ما يطوت ويرمل ثلاثًا، ومسلم (١٢٦١)، كتاب: الحج، باب: استحباب الرمل في الطواف والعمرة.