للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الحديث السابع]

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- قَالَ: كُنَّا نَعْزِلُ، وَالقُرْآنُ يَنْزِلُ، وَلَوْ كَانَ شَيْئًا يُنْهَى عَنْهُ، لَنَهَانَا عَنْهُ القُرْآنُ (١).

هذا الحديث: دليل لقاعدة عظيمة، نبه عليها جابر - رضي الله عنه -، وهي أنه إذا حدث أمر في حياة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وعلمه الرسول - صلى الله عليه وسلم -، أو لم يعلمه، فإنه يجوز فعله؛ حيث إن الله تعالى لم ينزل فيه شيئًا، وأقره. لكن علم الصحابة بالنزول لا يعلم إلا من جهة الرسول - صلى الله عليه وسلم -.

ولهذا استغرب استدلال جابر جواز العزل مطلقًا بتقرير الله تعالى دون الرسول - صلى الله عليه وسلم -، لكنه لما كان علم النزول وعدمه لازمًا لعلمه - صلى الله عليه وسلم -، لم يبق فيه غرابة.

وقد أنزل الله تعالى حكم المجادلة لزوجها، وأخبر -سبحانه وتعالى- أنه سمع مجادلتها في زوجها، إلى غيرها من الوقائع.

وذلك جميعه دليل لما قاله جابر - رضي الله عنه -؛ فإنه يقتضي الاستدلال بتقرير الله تعالى اللازم علمه عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ولهذا كان تقرير الله تعالى بالنسبة إلينا مشروطًا عند العلماء بتقريره - صلى الله عليه وسلم -، والكتاب العزيز دال على ذلك في التبيين، والتقييد، والنسخ، وغير ذلك، والله أعلم.

وفي الحديث: دليل بمجرده على جواز العزل مطلقًا، فلعل جابرًا - رضي الله عنه - لم يعلم بأحاديث النهي والإذن، وأخبر عما علمه هو، وأخبر عما كان قبلها.

وفيه دليل: لما كانت الصحابة -رضي الله عنهم- عليه من التمسك بكتاب الله تعالى في كل شيء، حتى في العزل عن النساء؛ حيث علموا أن الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم - حث عليه؛ وعلى استخراج الأحكام منه، والله أعلم.


(١) رواه البخاري (٤٩١١)، كتاب: النكاح، باب: العزل، ومسلم (١٤٤٠)، كتاب: النكاح، باب: حكم العزل.

<<  <  ج: ص:  >  >>