للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الحديث الأول]

عَنْ عَبدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-، عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: أَنَّهُ قَالَ: "إِذَا تَبَايَعَ الرَّجُلاَنِ، فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالخِيارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا وَكَانَا جَمِيعًا، أو يُخَيِّرُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ، فَإِنْ خَيَّرَ أَحَدُهُمَا الآخَرَ، فَتَبَايَعَا عَلَى ذَلِكَ، فَقَدْ وَجَبَ البَيْعُ" (١).

أما معنى قوله: "أَوْ يُخَيِّرُ أحدُهما الآخَرَ"؛ أي: يقول له: اختر إمضاء البيع، فإذا اختار، أوجب البيع؛ أي: لزم وانبرم، فإن خير آحدهما الآخر، فسكت، لم ينقطع خيار الساكت، وفي انقضاء خيار القائل وجهان لأصحاب الشافعي: أصحهما: الانقطاع؛ لظاهر لفظ الحديث.

وفي الحديث دليل لثبوت خيار المجلس لكل واحد من المتبايعين بعد انعقاد البيع حتى يتفرقا من ذلك المجلس بأبدانهما، وبه قال جماهير العلماء من الصحابة والتابعين ومَنْ بعدهم من الفقهاء والمحدثين وغيرهم. وبه قال البخاري، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وابن حبيب من المالكية، ونفاه مالك، وأبو حنيفة، وبه قال ربيعة، وحكي عن النخعي، وهي رواية عن الثوري، والأحاديث الصحيحة ترد عليهم، وليس لهم عنها جواب صحيح، والله أعلم.

والذين نفوه اختلفوا في وجه العذر عن الحديث على أقوال:

أحدها: أنه حديث خالفه راويه، ولم يقل به، فاقتضى ضعف الحديث عنده.

قلنا: لأن مخالفته له إما أن تكون عن علم بصحته من غير معارض، وهو يقتضي القَدْحَ في الراوى، أو عن غير علم بصحة الحديث مع المعارض، وذلك يقتضي رجحان نفي الحكم، أو مع العلم بالصحة ووجود المعارض، فحينئذ تقع


(١) رواه البخاري (٢٠٠٦)، كتاب: البيوع، باب: إذا خير أحدهما صاحبه بعد البيع فقد وجب البيع، ومسلم (١٥٣١)، كتاب: البيوع، باب: ثبوت خيار المجلس للمتبايعين.

<<  <  ج: ص:  >  >>